مقالات مختارة
– لا نقاش قبل كلمة بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس وبعدها، حول أن الدعم الأميركي لكيان الاحتلال لن يتوقف أو يتبدل مع أي رئيس أميركي، كما لا نقاش في أن ما قدّمته وتقدّمه إدارة جو بايدن هو ذاته ما يمكن لإدارة برئاسة دونالد ترامب أن تقدمه عملياً، حيث لم يتبق مما لم يقدّمه بايدن هو إرسال الجيوش الأميركية لخوض حرب كبرى مع قوى ودول محور المقاومة، وهو ما سبق لترامب أن تهرّب منه تماماً كما يفعل بايدن.
– لن يجد نتنياهو في واشنطن رئيساً يمنعه من ارتكاب المزيد من الجرائم، أو يجبره على وقف الحرب، أو رئيساً يوقف عن حكومته وجيشه التمويل والسلاح، أو رئيساً يسمح بملاحقة الكيان وحكومته وجيشه أمام المحاكم الدولية، أو رئيساً يسمح بصدور قرارات عن مجلس الأمن الدولي تدين جرائم الاحتلال أو تفرض عليه الإذعان لموجبات القانون الدولي، لكنه لن يجد في أميركا مَن يقرّر إرسال الجيوش الأميركية للقتال لترجمة أهداف نتنياهو وحكومته وجيشه، لن يجد ذلك في أميركا بايدن التي هربت من أفغانستان، أو في أميركا ترامب التي هربت من الردّ على هجوم أرامكو عام 2019 وتهرّبت من الرد على إسقاط طائرتها التجسسية العملاقة فوق إيران، أو في أميركا أوباما وترامب وبايدن التي تفادت تجريد حملة عسكرية لربح المنازلة حول سورية، ولذلك يستطيع نتنياهو العائد إلى غرفة نومه أن يكون مطمئناً بأنه سوف يحصل على ما يحصل عليه، وأن أحداً لن يضغط عليه لتغيير أهدافه، لكنه مع أميركا بايدن وأميركا ترامب عليه أن يملك ما يلزم من جيش ورأي عام لتحقيق الأهداف التي يتحدث عنها وخوض الحرب التي يريد النصر الكامل فيها، لأن لا في أميركا بايدن ولا في أميركا ترامب سيجد من يرسل الجيوش الأميركية ليخوض له حروبه ويحقق له أهدافه. فالأميركيون المختلفون على أشياء كثيرة متفقون على أنهم ليسوا قادرين على تحمّل تبعات حرب، فهل في جيب نتنياهو وصفة نصر مع هذا النوع من المساهمة الأميركية القصوى التي يحصل عليها وسوف يحصل عليها مهما تغير اسم الرئيس الأميركي؟
– يعرف نتنياهو أن لا وصفة تحقق له ما يرغب بتحقيقه، ولذلك قال منتقدوه الكثر إنه في حالة إنكار، وانفصال عن الواقع، كما يعرف أن ما قاله منتقدوه عن كذبه وصف دقيق، فهو يعلم أن يوم الطوفان كان يوم ذلّ كبير لكيانه وجيشه وحكومته وليس يوم بطولة، ويعلم أن جيشه جيش قاتل وليس جيشاً مقاتلاً، وفي رفح قتل المئات في خيام النازحين حرقاً وتمزيقاً بالشظايا، بينما فشل في كل المواجهات، وكان المقاتل المقاوم يصل الى الدبابة وفيها جنود يرتعدون خوفاً أغلقوا طلاقة الدبابة فوق رؤوسهم، ويزرع عبوته من مسافة صفر وينتظر انفجارها، كما يعلم أن ما قاله من أكاذيب تاريخيّة حول فلسطين وشعبها وكونها وطناً كامل المواصفات تحدّث عنه قرار المحكمة الدولية منذ أيام، لا يغير حقيقتها التشدّق بـ 4000 سنة عن دولة وهميّة خرافيّة.
– قال يائير لابيد إن خطاب نتنياهو مشين فلم يأت على ذكر الأمر المهم الوحيد الذي كان يجدر تكريس الخطاب لتناوله وهو كيف سوف يضمن الإفراج عن 120 أسيراً لدى المقاومة. وقال ايهود باراك إن نتنياهو كذّاب كبير. وقال النواب الديمقراطيون الذين قاطعوا حضور كلمته وهم أكثر من 120 نائباً، إنهم يرفضون كلامه المسيء للطلاب الأميركيين الذي تظاهروا ضد الجرائم في غزة، لكن الحقيقة هي أن التصفيق الذي لاقاه نتنياهو وكلمات الحماسة التي واكب بها المتطرفون اليمينيون العنصريون في الكونغرس وخارجه كلمة نتنياهو، إشارة هامة إلى أن هذا التفاعل لا يزال يمثل الاتجاه السائد بين صنّاع السياسة والإعلام في واشنطن، بشرط أن يربح نتنياهو الحرب دون أن تخوضها الجيوش الأميركية، فهل يستطيع؟
– الشيء الجديد الذي قالته الزيارة هو أن أميركا باتت منقسمة بين أميركا إسرائيلية وأميركا صهيونية، وبالتأكيد ليس هناك مكان لأميركا عربية أو أميركا فلسطينية. وأميركا الإسرائيلية هي تلك التي يمثلها ترامب والذين صفقوا لنتنياهو الذين لا يزالون يطربون لخطاب التطرف العنصريّ، كما كان الحال مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا قبل أن يبدأ بالتهاوي في داخل جنوب أفريقيا، حيث سقط قبل أن يسقط في أميركا وبريطانيا. وكما كان يمكن أن يسمع العنصريون في جنوب أفريقيا كل التشجيع يسمع نتنياهو، لكن الميدان الذي يقرّر ليس في واشنطن، لكن في أميركا ظهرت أميركا الصهيونية التي تقول إنها مسؤولة عن التفكير بمستقبل “إسرائيل” وطيش قادتها وعبثهم وخطورة مغامراتهم ومقامراتهم، وعدم تحمل رؤية الكيان ينهار بسببها. فما يقوله النواب الديمقراطيون الذين قاطعوا كلمة نتنياهو هو أن نتنياهو خطر على الكيان وأمنه، وأنهم يؤيدون قيام دولة فلسطينية لأنها الممر الإلزامي لشق وحدة الفلسطينيين وإضعاف المقاومة وحرمان محور المقاومة ومعه إيران من كسب تأييد الغاضبين من غياب الاعتراف العالمي بالحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني.
– عام 2010 تحدّثت هيلاري كلينتون أمام منظمة اللوبي الصهيوني الداعم لكيان الاحتلال (آيباك) فقالت “إن إيران ليست التهديد الوحيد الذي يلوح في الأفق. تواجه “إسرائيل” اليوم بعضاً من أصعب التحديات في تاريخها”. وأضافت “أولاً لا يمكننا أن نتجاهل الاتجاهات السكانية طويلة الأمد الناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي. وكما لاحظ وزير الدفاع ايهود باراك وآخرون، فإن الحسابات العنيدة للديمقراطية والديموغرافيا تعمل على التعجيل بالساعة التي قد يضطر فيها الإسرائيليون إلى الاختيار بين الحفاظ على ديمقراطيتهم والبقاء صادقين مع حلم إقامة وطن لليهود. ونظراً لهذا الواقع، فإن حل الدولتين هو المسار الوحيد القابل للتطبيق لتبقى “إسرائيل” دولة ديمقراطية ودولة يهودية”. وقالت “ثانياً، لا يجوز لنا أن نتعامى عن العواقب السياسية المترتبة على استمرار الصراع. هناك اليوم صراع حقيقي، ربما للمرة الأولى، بين أولئك الذين يقبلون السلام والتعايش مع “إسرائيل” في المنطقة، وأولئك الذين يرفضونه ولا يسعون إلا إلى استمرار العنف. إن الوضع الراهن يقوي الرافضين الذين يزعمون أن السلام مستحيل، ويُضعف أولئك الذين يقبلون بالتعايش. وهذا لا يخدم مصالح “إسرائيل” أو مصالحنا. يجب على الراغبين في التفاوض أن يكونوا قادرين على إظهار نتائج لجهودهم. وختمت “ثالثاً يجب علينا أن ندرك أن تكنولوجيا الحرب المتطوّرة باستمرار تزيد من صعوبة ضمان أمن “إسرائيل”. على مدى ستة عقود، ظل الإسرائيليون يحرسون حدودهم بيقظة. لكن التقدم في تكنولوجيا الصواريخ يعني أن العائلات الإسرائيلية أصبحت الآن معرضة للخطر بعيدًا عن تلك الحدود. وعلى الرغم من جهود الاحتواء، فإن الصواريخ ذات أنظمة التوجيه الأفضل، والمدى الأطول، والقوة التدميرية الأكبر تنتشر في جميع أنحاء المنطقة. وقد جمع حزب الله عشرات الآلاف من الصواريخ على الحدود الشمالية لـ”إسرائيل”. ولحماس عدد كبير في غزة. وحتى لو كان بعضها لا يزال خامًا، فإنها جميعًا تشكل خطرًا جسيمًا، كما رأينا مرة أخرى الأسبوع الماضي”.
– كلام هيلاري الذي أعدّته وزارة الخارجية كوثيقة عنوانها، “مستقبل قاتم ينتظر “إسرائيل””، قبل خمسة عشر عاماً لا يزال صالحاً من زاوية التهديدات الواقعية التي ينكرها نتنياهو وهو في قلبها، وقد أضيف لها تهديد اليمن، ولم يكن طوفان الأقصى إلا ترجمة لإنكار نتنياهو الاعتراف بها، وربما لذلك قال السيد حسن نصرالله، تبقى الكلمة للميدان، والأمر يحتاج إلى المزيد من الوقت والمزيد من الصبر والمثابرة.
ناصر قنديل ـ البناء
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً