الثبات ـ دولي
تناولت وكالة "فرانس برس"، اليوم الثلاثاء، زيارة رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لواشنطن، والتي يقوم بها هذا الأسبوع، مُشيرةً إلى أنّها تأتي على الرغم من الحديث الذي تصاعد مؤخراً بشأن "توترٍ في العلاقات بين الحليفين التاريخيين"، على خلفية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة.
وقالت الوكالة إنّ الزيارة تتزامن مع مرحلة سياسية حرجة في الولايات المتحدة، ولاسيما بعد إعلان الرئيس الأميركي، جو بايدن، انسحابه من الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وشدّدت الوكالة على أنّ الولايات المتحدة الأميركية تُعَدّ أبرز داعم سياسي لـ"إسرائيل" منذ اندلاع الحرب المستمرة على قطاع غزّة. وأوردت تأكيد محللين أنّ الدعم الأميركي سيبقى راسخاً، ولاسيما أنّ الدعوة وُجِّهت إلى نتنياهو بهدف "إظهار تضامن أميركا مع إسرائيل"، لا من أجل معاتبتها على جرائمها.
"نتنياهو مدعوّ على رغم الحرب"
بلغت الدعوات إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزّة مستوياتٍ غير مسبوقة في الولايات المتحدة في الأشهر الماضية، وخصوصاً من الطلاب المحتجين في الجامعات الأميركية، ومن السياسيين من الجناح اليساري للحزب الديموقراطي.
لكن ذلك لم يؤدّ إلى تغيير في دائرة القرار في الحزب الديموقراطي، أو حتى لم يقنعها بممارسة ضغوط كافية لإنهاء الحرب، وفق ما قال محللون لوكالة "فرانس برس".
ووجّه زعيما الديموقراطيين والجمهوريين في الكونغرس الدعوة إلى نتنياهو من أجل إلقاء خطاب أمام المجلس.
وقال نائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، تشاك فرايليك لوكالة "فرانس برس"، إنّ الجمهوريين يقفون خلف الفكرة، وإنّ "بايدن والديموقراطيين اضطروا إلى السير بها".
ورأى الباحث في شركة "لو بيك" الأمنية الاستشارية، مايكل هوروفيتز، أنّ الزيارة ستُرغم الديموقراطيين على "إيجاد توازن مُعقّد" بين معارضتهم للتكلفة البشرية الباهظة للحرب في غزّة، والدعم التاريخي لـ"إسرائيل".
من جهتها، قالت الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية، ميراف زونزين، إنّ دعوة نتنياهو، على رغم الاحتجاجات الشعبية، "تُظهر وجود كثير من الثُّغر والتناقضات في الموقف الأميركي حيال الحرب ضد قطاع غزّة".
لا أزمة بين واشنطن و"تل أبيب"
ورأت زونزين أنّ الأشهر الماضية شهدت "كثيراً من الحديث، وكثيراً من المواقف السلبية بشأن المسألة الإنسانية على امتداد الحرب"، مشيرةً، على سبيل المثال، إلى خطوات تؤكد أنّها غير مسبوقة، مثل تعليق شحنات أسلحة لـ"إسرائيل"، وفرض عقوبات على مستوطنين.
لكنّها شددت على أنّ هذه الخطوات غير كافية لتغيير واقع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وأضافت: "لا أعتقد أنّه يُمكن الحديث عن أزمة في العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، لأنها (العلاقة) متجذرة بعمق في السياسات الأميركية والإسرائيلية".
بدوره، أشار فرايليك إلى "عدم وجود أزمة في الوقت الراهن، لكن ثمّة كثيراً من التوتر، وللأشهر القليلة المقبلة تأثيرٌ مُهم في مسار الأمور".
وقف الأسلحة إلى "إسرائيل"؟
وأفرجت الولايات المتحدة مؤخراً عن شحنة أسلحة لـ"إسرائيل" تشمل قنابل زنتها 500 رطل (226 كيلوغراماً) بعد تعليقها أسابيع، إلا أنّ إدارة بايدن لا تزال تمتنع عن إرسال قنابل زنة الواحدة منها ألفا رطل، في ظل المخاوف من ارتفاع حصيلة الشهداء المدنيين الفلسطينيين.
ويُعَدّ المسّ بتدفق الأسلحة الأميركية إلى "إسرائيل" أمراً غير مسبوق في تاريخ العلاقات بين البلدين. وقال فرايليك "لم يسبق لأحد أن أثار مسألة الإمداد بالأسلحة. فالعلاقة التسليحية كانت أمراً جلياً، وشبه مقدّسة إذا أمكن القول".
وأضاف أنّه في حين كان رفع الحظر على إرسال قنابل، التي تزن واحدتها ألفي رطل، أمراً محتملاً خلال زيارة نتنياهو، بات ذلك "أصعب بالنسبة إلى الولايات المتحدة، بعد الهجوم على محمد الضيف، والذي استخدِمَت فيه أربع قنابل، زنة كل منها ألفا رطل".
واستبعد هوروفيتز أن "تبدّل إدارة بايدن موقفها خلال زيارة نتنياهو" بشأن القنابل الثقيلة.
أيّ تأثيرٍ لانسحاب بايدن؟
وأعلن بايدن (81 عاماً)، الأحد الماضي، انسحابه من السباق الرئاسي ودعم نائبته كامالا هاريس لمواجهة الجمهوري، دونالد ترامب، في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. وأشار المحللون إلى أنّ هذا الإعلان سيكون له انعكاس على زيارة نتنياهو، لكن ليس على العلاقات بين البلدين.
وفي حين أكد فرايليك أنّ الزيارة كانت "غير ضرورية" حتى قبل إعلان بايدن، رأت زونزين أنّ انسحاب الرئيس الأميركي من الانتخابات يعزّز انطباعاً مفاده أن "هذه الزيارة كانت، في عدد من الأوجه، من دون معنى للجمهورَين الإسرائيلي والأميركي، على حد سواء".
لكن تخلي بايدن عن السعي لولاية ثانية يُعزّز الطابع الطارئ لمسعى نتنياهو للقاء ترامب، من دون أن يكون نجاحه في ذلك مضموناَ، وفق المحللين.