الثبات ـ إسلاميات
قال الله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} سورة البقرة-الآية127-128، مازلنا نعيش في أجواء أشهر الحج، في هذه الأيام المباركة التي تذكرنا وتشدنا إلى بيت الله الحرام، إلى بيت مبارك قال الله تعالى فيه: {إنّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} سورة آل عمران-الآية 96-97، سيدنا إبراهيم عليه السلام وولده إسماعيل عليه السلام يرفعان قواعد البيت، مكرمة من الله سبحانه وتعالى، بيت يوضع ليكون قبلة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى قيام الساعة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وكلمة "إبراهيم" أعجمية من "آبراهيم"، وإبراهيم أي هام بالله سبحانه وتعالى، وتجاوز الحب والتعلق بالله تعالى؛ لهذا لم يشعر بالنار التي أعدت له من قبل النمرود، والذي وضع سيدنا إبراهيم على المنجنيق لقذفه في النار لشدتها، وعلى الرغم من ذلك لم ير سيدنا إبراهيم أحداً غير الله سبحانه وتعالى، رقي ما بعده رقي؛ لهذا جاء الجواب من عند الله سبحانه وتعالى: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ} سورة الأنبياء-الآية69.
تزوج سيدنا إبراهيم من السيدة هاجر، وأنجب منها سيدنا إسماعيل؛ لتغار منها السيدة سارة، ويأتي الأمر الإلهي بأخذ الولد وأمه إلى واد غير ذي زرع، قال الله تعالى: {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} سورة إبراهيم-الآية 37، أعطي هذا الوادي من البركة ما أعطي، من خلال الأنبياء والرسل الذين ساروا فيه؛ ليكون الملاذ الآمن لسيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في بعثته، وبعدها يأتي الرقي الأعلى والأسمى، بقوله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} سورة الحج-الآية26، كل هذا جاء من بعد حب وهيام وإخلاص لله سبحانه وتعالى، فأين نحن من هذا؟ ألسنا مأهلين لأن نكون من عباد الله المخلَصين؟، أنعم الله لا تُشكر؟، فما بالنا إذاً؟ نتذمر ونكفر بأنعم الله سبحانه وتعالى التي لا تعد ولا تحصى.
إيمان ويقين بالله سبحانه وتعالى نابعان من عبادة صحيحة فرضاً ونفلاً، وقلب ذاكر شاكر لله سبحانه وتعالى؛ لهذا لن يتركه الله سبحانه وتعالى في ضيق أبداً؛ فعلينا أن نعود إلى الله سبحانه وتعالى، ونعبده حقّ عبادته، طائعين مخلصين فنكون ممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه))، دعاء وتبتل وانقطاع لنصيب قول الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} سورة البقرة-الآية186.