مقالات مختارة
في العام 1965 وقعت الولايات المتحدة الاميركية اتفاقا مع المملكة المتحدة، يقوم بموجبها الطرف الاول بإقامة قاعدة عسكرية اميركية في المحيط الهندي، لتكون مركزا استراتيجيا للتدخل الأميركي السريع في القارة الافريقية ومنطقة الشرق الأوسط.
تم اختيار مكان يطلق عليه "أرخبيل تشاجوس"، ويتبع إداريا لدولة موريشيوس التي كانت خاضعة للاحتلال البريطاني، لكن كانت هناك عقبة كبيرة وهي السكان الاصليين الذين سيعترضون على اقامة القاعدة العسكرية، والحل كان بفكرة شيطانية أميركية – بريطانية، واليكم ما كتبه المخرج والصحافي الاسترالي المقيم في لندن جون ريتشارد بيلجر في كتابه "الحرية في المرة القادمة"، تُرجم ونشر في العام 2019.
أطلقوا امرا بطرد سكان ارخبيل تشاجوس وترحيلهم على متن سفن بريطانية، لكنهم رفضوا فبدأوا في ترويعهم، كانوا يعلمون ان سكان تشاجوس مرتبطين بكلابهم، يعتمدون عليها في الرعي والحراسة، جمع الجنود البريطانيون كل كلاب الجزيرة، واشعلوا مواقد عملاقة، وقاموا بشوي الكلاب وهي حية امام أعين أصحابها، ومن اعترض من السكان، قاموا بشويه معهم، دب الذعر في نفوس الجميع، استيقظوا في الصباحات التالية، وإذ بالجنود البريطانيين يخرجونهم من منازلهم ويحرقونها بالكامل بكل ما فيها، وتركوهم في عز العراء، منعوا عنهم الطعام والشراب، حملة تجويع كان لا بد أن يسبقها اعدام لكل موارد الحياة ما ادى الى موت 400 شخص من السكان جوعا، وفي النهاية اضطروا للاستجابة للشروط البريطانية.
صعدوا على متن السفن البريطانية، ومن كان منهم مريضا ألقي في قاع المحيط الهندي، ومن وصل لجزيرة موريشيوس..منع من الحصول على الجنسية، وبقي في الشوارع متشردا بعد أن كان عزيزا وسط قومه، شعب كامل تعرض للقتل والتهجير لإقامة قاعدة اميركية تسمى "دييجو جارسيا" وهي نفسها التي انطلقت منها الطائرات الأميركية للعدوان على أفغانستان والعراق عامي 2001 و2003.
بعدها بسنوات أطلقت بريطانيا حملة لإظهار الصورة الانسانية من خلال زيارات النواب البريطانيين وهم مع أطفال تشاجوس، وجرى تسويقها للرأي العام باعتبارها عمل انساني للتخفيف من الام سكان تشاجوس من الأذى الذي لحق بهم على أيدي الافارقة في موريشيوس!
اليوم، وفي العام 2024، يتكرر الفعل الاجرامي مرة جديدة، وتمارس اميركا الصهيونية ومعها معظم دول العالم من الشرق والغرب سياسة القتل والتشريد والتهجير في فلسطين المحتلة، ومنها حاليا قطاع غزة المحاصر منذ اكثر من 17 عاما، واعلنت منذ بداية العدوان على غزة عن فتح جسرا جويا من الاسلحة والذخائر إلى الكيان الصهيوني، وبعد مرور اكثر من اربعة اشهر قررت اسقاط مواد اغاثة من الجو للفلسطينيين، فيما تؤمن للكيان الصهيوني المعتدي الحماية تارة بالفيتو وتارة بالجسور الجوية المحملة باحدث انواع الاسلحة المدمرة للبشر والحجر، لتكون الشريك الفعلي بقتل المدنيين اصحاب الارض الاصليين كما فعلت مع الهنود سكان ما اسماها الرحالة كريستوفر كولومبوس الارض الجديدة عام 1498 ميلادية.
جعفر سليم
عضو اتحاد كُتاب وصحافيي فلسطين