محطات من فلسطين الشاهدة والشهيدة منذ العام 1920

الإثنين 19 شباط , 2024 06:09 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة

تحت سيطرة الاحتلال البريطاني منذ عام 1920 وجدت فلسطين نفسها هدفاً للحركة الصهيونية واطماعها، لذلك تتابعت فيها الثورات عقب الحرب العالمية الأولى وصولا الى الاحتلال الصهيوني ولغاية يومنا هذا. سيرة حياة فلسطين عبارة عن ثورات دائمة تتخللها فترات من الهدوء المؤقت.
عندما احتل البريطانيون فلسطين عام 1917 م، كان عدد اليهود العرب 50 ألفا، وعندما غادروها كان العدد وصل الى نصف مليون استجلبوا من اوروبا واشتروا أسلحة ومعدات من الاحتلال البريطاني في فلسطين ومن بينها طائرات ودبابات ومدافع بأكثر من 5 ملايين جنيه.
في هذه الفترة تواصلت الاشتباكات بين الثوار الفلسطينيين والعصابات الصهيونية التي تعتدي يوميا على الفلسطينيين، في وقت كان من المفروض أن يتحمل البريطانيين مسؤولية حفظ النظام حسب زعمهم، ولكنهم تركوا المجال للصهاينة باحتلال الاف الدونمات من الاراضي الفلسطينية، ولم يتدخلوا إلا عند اي خسارة للعصابات، ما دفع بالثوار الفلسطينيين الى شراء السلاح من مالهم الخاص والتدرب على استخدامه وتنظيم صفوفهم في لجان محلية للدفاع عن أنفسهم.
في كتاب "فلسطين الشهيدة"  توثيق بالصور لبعض ما قدمت فلسطين في مقاومتها من شهداء دفاعا عن الشعب والارض والاماكن المقدسة ما بين الاعوام 1921 م - 1938 م ضمن مسارات كانت الصور وتعليقاتها تشكل محور الاهتمام، لان الثورة الأولى التي وقعت في القدس في 4 نيسان عام 1920 غير موثقة بالصور، أما الثورة التي وقعت في مدينة يافا وجوارها وامتدت حتى قضاء طولكرم وكانت ضد العصابات الصهيونية نتيجة ارتكابهم الكثير من اعمال الاعتداءات، خصوصاً بحق المدنيين بدعم بريطاني، وكان من وقائعها أن الانكليز أسروا أربعين فلسطينيا بعد معركة بينهم وبين الثوار الفلسطينيين بجوار مستوطنة "ملبس"، فجاءوا بهم إلى هناك، وسلموهم إلى الصهاينة، حيث قاموا بإعدامهم.
نورد هنا بعض من اهم المحطات التاريخية في نضال الشعب الفلسطيني لكشف الاكاذيب وعمليات التضليل التي مارسها البريطانيون ومن معهم من العرب تحت مسمى الثورة العربية الكبرى وجيش الانقاذ العربي وخدعوا الفلسطينيين ثم قالوا انهم باعوا ارضهم لتبرير ضعفهم ولاحقا خيانتهم.
ثورة البراق ـ 1929
• وقعت بين عامي 1921 ـ 1929 ثورات اخرى متعددة، في القدس وحيفا ويافا، ثم وقعت ثورات في العام 1929 شملت فلسطين كلها، بعد اعتداءات الصهاينة على حائط البراق والمسجد الأقصى ارتفع فيها العشرات من الشهداء، كما أعدم الانكليز عدد من المعتقلين ومن بينهم فؤاد حجازي، وعطا الزير ومحمد جمجو، يذكر ان الحفيد محمد جمجوم استشهد اثناء العدوان على مدن قطاع غزة في العام 2024.
• في عام 1933 اشتد خطر العصابات الصهيونية، كما تضخمت حركة هجرة اليهود من اوروبا والاستيلاء على مساحات واسعة من الأرض، فقرر الشعب الفلسطيني إقامة مظاهرات عامة دورية كل أسبوع في مدينة احتجاجا على ذلك، وكانت المظاهرة الأولى في القدس بتاريخ 13 تشرين الأول 1933، وقد اصطدم المتظاهرون بالجنود الانكليز وكانوا عزلا من السلاح فلم يجدوا غير النعال يرشقون بها الجنود، وفي يوم  27 تشرين الأول 1933 أقيمت مظاهرة في يافا، فقام جنود الاحتلال الانكليزي يدوسونهم بسنابك الخيل، ولكن المتظاهرين ارتدوا عليهم بالعصى والحجارة حتى هزموهم، واستشهد في هذه المعركة 27 رجلا وجرح نحو 100.
• تجددت الانتفاضات في فلسطين يوم 19 نيسان 1936 من خلال الاضراب العام لتتحول إلى ثورة عارمة امتدت الى تشرين الأول من العام 1938، ارتكب فيها الانكليز أبشع انواع القتل والتدمير، وكان أشهرها تهديم ونسف أكثر من ألف بيت في الكثير من المدن والقرى، ووصل اجرامهم الى حد نسف مدينة باهلها، وقرية بكاملها، كما فعلوا في يافا القديمة، وشارك الصهاينة الاحتلال البريطاني في ارتكاب الجرائم، من خلال وضع ألغام وقنابل في حيفا والقدس ويافا استشهد نتيجتها أكثر من 150 فلسطينيا وجرح المئات من النساء والأطفال.
• في 30 تشرين الثاني 1947 م، وهو تاريخ تصويت مجلس الأمم المتحدة لصالح إنهاء "الانتداب" البريطاني على فلسطين، وخطة الأمم المتحدة للتقسيم، إلى تاريخ إنهاء الاحتلال البريطاني نفسه في 15 ايار 1948 م، وتسليم العصابات الصهيونية المراكز الحكومية الحساسة والاسلحة التي يحتاجونها، عند اعلان الحركة الصهيونية ما أسمته "استقلال دولة اسرائيل".
• في بداية 1948م وبمساعدة الاحتلال البريطاني، كانت الوكالة اليهودية تسيطر على فلسطين إداريا وعسكريا، وبلغ تعداد عصابة الهاجانا 35 ألفا بالإضافة إلى 10 آلاف عنصر من وحدات الكومندوس البلماخ وعصابتي الإرجون وشتيرن، في المقابل وبعد افشال الاحتلال البريطاني للثورة الفلسطينية لم يعد هناك سوى 2500 من الثوار و4000 متطوع عربي وفلسطيني، بسلاحهم البسيط .
• مع بداية 1948 حدث تفجيران متتاليان، تفجير السراي الكبير في يافا واستشهاد 26 فلسطينيا بسيارة مفخخة، وتفجير فندق سميراميس بالقدس في 5 كانون الثاني، وقتل 20 فلسطينيا، وعرف لاحقا أن الهاجانا كانت وراء تفجير سميراميس.
• خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 1948 قام الصهاينة بعشرات التفجيرات في المدن والقرى وقتل الفلسطينيين على الطرق، ففي حيفا وحدها قتل أكثر من 100 فلسطيني، ثم اتجهت وحدات من العصابات الصهيونية لطرد الفلسطينيين من قراهم، بقيادة إسحاق رابين المشرف على حملة طرد الفلسطينيين من مدنهم وقراهم.
• في تل أبيب، كان العاشر من اذار يوما حاسما بقيادة الهاجانا، حيث أنهوا مسودة الخطة التي وضعت فيها التفاصيل النهائية لكيفية طرد الفلسطينيين وأخذ أملاكهم.
• ديفيد بن غوريون، رئيس حركة "الدولة التي في الطريق" المستميت لإقامة "دولة إسرائيل"، وهو من أعلن عن قيامها وأدارها بعد قيامها لمدة عقد ونصف حتى 1963، عين رئيسا للوزراء ووزيرا للحرب، ومن أوائل زعماء حركة العمل الصهيونية، كتب في مذكراته "في كل هجوم يجب إيقاع ضربة حاسمة تؤدي إلى هدم البيوت وطرد السكان".
• القادة العسكريين آنذاك وهم عبد القادر الحسيني وحسن سلامة وفوزي القاوقجي قرروا ان يقوموا بعمليات منفصلة، وذلك ساعد الجانب الصهيوني.
• توجه عبد القادر الحسيني قائد منطقة القدس إلى دمشق طلبا للسلاح ولكن بدون جدوى، اشترى بعدها السلاح بعد رهن أرض جده وتوجه للدفاع عن قرية القسطل المشرفة على طريق القدس، واستشهد في تلك المعركة.

• بلغ الرد الفلسطيني ذروته في العام 1936-1939، وأدى ذلك الى قيام الاحتلال البريطاني باعتقال ونفي الكثير من القيادات الفلسطينية، ومنهم المفتي امين الحسيني رئيس اللجنة العربية العليا، كما خفضت بريطانيا الهجرة اليهودية ردا على ما سمته "العنف".
• في 15 آب 1947، قام الاحتلال البريطاني ومعه العصابات الصهيونية بتفجير منزل عائلة أبو لبن، وهي عائلة فلسطينية من كبار تجار البرتقال اليافاوي، والذريعة أنه مقر للمقاومة الفلسطينية، وبعد تشرين الثاني 1947، شكل تفجير المنازل عنصرا رئيسيا في معظم الهجمات الانتقامية.
• في أوائل تشرين الثاني، بدأت العصابات الصهيونية بدعم من الاحتلال البريطاني تحتشد للحرب، وأصدرت أمرا بتسجيل جميع الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و25 عاما، في 18 شباط 1947، أعلنت بريطانيا انسحابها.

في 29 تشرين الثاني، صوتت الجمعية العامة للأمم على اعتماد قرار حمل الرقم 181 بدعم من القوى العالمية الكبرى لتنفيذ خطة التقسيم الواردة فيه، وبالرغم من الانحياز البريطاني ووحشية الاعتداءات الصهيونية واصلت المقاومة الفلسطينية نشاطها، ونفذت عملية ضد ركاب حافلة صهيونية بالقرب من كفار سيركين في 30 تشرين الثاني، ما أسفر عن مقتل خمسة وإصابة آخرين، وبعد نصف ساعة نصبوا كمينا لحافلة ثانية، متجهة جنوبا من الخضيرة، مما أسفر عن مقتل اثنين آخرين، كما أطلقت مجموعات اخرى النار على حافلات للصهاينة في القدس وحيفا، ردا على قتل أسرة الشوبكي، ومقتل خمسة فلسطينيين.
من جهتها، استمرت العصابات الصهيونية في وضع العبوات الناسفة في الأسواق ومحطات الحافلات المزدحمة، ففي 30 كانون الأول، القى افراد منها قنبلتين في حيفا على حشد من العمال الفلسطينيين الذين كانوا يصطفون أمام مصفاة، مما أسفر عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 42 آخرين، فكان الرد بهجوم ادى الى مقتل 39 صهيونيا، على الاثر قامت العصابات الصهيونية بمهاجمة قريتي الشيخ وحواسا، أدى إلى استشهاد وجرح العشرات من الفلسطينيين.
عند نهاية الاحتلال الانكليزي في سنة 1948، كانت العصابات الصهيونية قد استولت على اراض حصلوا عليها بثلاثة طرق رئيسية وهي مساعدة الحاكم البريطاني وشراء اراض من عائلات اقطاعية لبنانية وسورية، وأحياناً من فلسطينيين بالاحتيال والالتفاف على القانون العثماني الذي كان لا يزال مطبقا.

جعفر سليم
عضو اتحاد كُتاب وصحافيي فلسطين

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل