الثبات ـ إسلاميات
الإسراء والمعراج: من أهم المناسبات التي حرص الشيخ الدكتور عبد الناصر جبري على الاحتفال بها، مذكراً وواعظاً ومستخلصاً منها الدروس والعبر، ومن أهم ما قال فيها في برنامجه "الثوابت النورانية": معجزة الإسراء والمعراج: أكرم الله عز وجل رسولنا الكريم بالكثير من المعجرات وذلك في سبيل نشر الدعوة وإثبات الحجة، وقد جاهد النبي صلى الله عليه وسلم في نشرها، بعد أن جاءه الإذن من الله سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} سورة الحجر-الآية 94، إلا أنّ هذا الأمر لم يعجب كفار قريش؛ ليأخذوا بالبديل، ألا وهو التعذيب والتنكيل بكل من يؤمن بالله سبحانه وتعالى رباً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً، ليخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، داعياً لهم إلى ترك عبادة الأوثان واتباع الهدى؛ ليجد ما يجد هناك، من ضرب وقدح وذم؛ ليعود بعدها إلى مكة مثخناً بجراح صبية قاسية قلوبهم بفعل كبارهم؛ لتأتي بعدها معجزة الإسراء والمعراج؛ تخفيفاً عنه صلى الله عليه وسلم، عام حزن وَفَقْد الأحبة، وقساوة قوم غلاظ شداد.
معجزة الإسراء والمعراج كانت جسداً وروحاً؛ ولو لم تكن كذلك لما أطلق عليها معجزة، وبالتالي، فلا صحة لما يقال أنها حادثة روحية فقط؛ أي أن النبي صلى الله عليه وسلم أسري وأعرج بروحه دون جسده، بل أسري وأعرج جسداً وروحاً، قال الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصيرِ} سورة الإسراء-الآية 1.
معجزة الإسراء والمعراج: هي تجاوز للمكان والزمان، انطلق سيدنا جبرائيل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم على البراق من مكة المكرمة إلى بيت المقدس، وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء والرسل صلى الله عليهم أجمعين، وهذا من باب التشريف لنبينا صلى الله عليه وسلم، وهذا التشريف لذاته صلى الله عليه وسلم، وليس تشريفاً برسالته؛ وذلك لعدم وجود فارق ما بين رسالة وأخرى، فالكل جاء داعياً إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له. الإسراء في العربية بمعنى السير ليلاً، ولا تطلق كلمة الإسراء إلا إذا كان السير ليلاً، وهي بخلاف الأسارى، فهم أسارى الحرب. أما معجزة المعراج فهي مثبتتة في القرآن الكريم، قال الله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} سورة النجم-الآية1-18، ومن خلال هذه الآيات نثبت حقيقة المعراج ونرد على المنكرين لهذه المعجزة العظيمة.
الإيمان بالله سبحانه وتعالى يأتي من خلال الحب، لا من خلال العذاب والنار والجحيم والتهويل والتخويف من الله سبحانه وتعالى، وآيات العذاب إنما وردت لأخذ العبر وتذكير العاصين بيوم الحساب، والمؤمنون ينطلقون من أحقية الله سبحانه وتعالى بالعبودية فيعبدوه، حبّ حقيقي لخالق عظيم غفور رحيم، يورث الإيمان والتقى والعفاف والغنى والصبر والمصابرة والرضا والرضوان؛ لتفوز في النهاية بجناة تجري من تحتها الأنهار.
عرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء السابعة، ورأى ما رأى من الأنبياء والمرسلين، ورأى أحوال نعيم أهل الجنة، وأهوال عذاب أهل النار، وشقّ صدره صلى الله عليه وسلم، وفرضت الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وعلى أمته، حتى وصل إلى سدرة المنتهى؛ ليرى من آيات ربه الكبرى. دروس وعبر يجب علينا الوقوف عليها، حادثة ليست بالبسيطة، فيها من الآيات ما فيها، ومن الدلالات الشيء الكثير المدرك وغير المدرك، وهذا ما يوجب علينا الوقوف على هذه الآيات لاستخراج الدروس منها، وتعليمها لأبنائنا، كن مع الله في جميع أحوالك؛ ليعزك الله ويجعل مقامك عالياً عنده، وتأسَّ بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكن ذا أمانة وصدق واترك الباقي لأهل الدنيا، والخير كله سيصل إليك، بإذن الله سبحانه وتعالى.