الحروب في فلسطين حروب حضارات وأديان... لم تنته تاريخياً إلا بالحسم ــ د. نسيب حطيط

الإثنين 27 تشرين الثاني , 2023 09:17 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تصارعت على أرض فلسطين ومحيطها حضارات متعددة، وشهدت صراعات بين حضارات وأديان لم تنته إلا بالحسم لأحد الطرفين المتصارعين، وبعض الحروب استمرت مئات الأعوام.

- الصراع الأول: كان بين النبي موسى (عليه السلام) وفرعون وحضارته، ولم تنتهِ هذه الحرب الا بانتصار النبي موسى وهلاك فرعون غريقاً في البحر.

- الصراع الثاني: كان بين الرومان والسيد المسيح (عليه السلام) بين الحضارة الرومانية والمسيحية، وانتهت بصلب السيد المسيح (عليه السلام) - وفق المعتقد المسيحي - من الرومان وقتل أتباعه، وانتصر الرومان.

- الصراع الثالث: كان بين المسيحية والإسلام، وانتهى بانتصار الإسلام في الجولة الأولى (636م) وقد سمح الخليفة عمر بن الخطاب لليهود بزيارة وممارسة شعائرهم الدينية بحُرية في القدس، بعد ما يقرب 500 سنة من طردهم من الأراضي المقدسة من قبَل الرومان، وقد اشترط المسيحيون ألا يسكن في أحيائهم أحد من اليهود.

- الصراع الرابع: كان بين الحملات الصليبية والمسلمين بعنوان استرداد الأماكن المقدسة المسيحية في العام 1099م، واستمرت حوالي 400 عام، واستطاع الأوروبيون استعادة القدس وبعض سوريا وغيرها.

- الصراع الخامس: بين المسلمين والصليبين والذي انتصر فيه المسلمون ثانية، ولا يزال مستمراً، وكان طرفه بداية الخلافة العثمانية مع الانتدابين الفرنسي والإنجليزي، والذي أنتج احتلال فلسطين أو تسليم فلسطين من الخلافة العثمانية للإنجليز، والذي لا يزال مستمراً حتى اللحظة تحت عنوان "الصراع العربي – الإسرائيلي".

يتم التعامل مع ما يجري في غزة أو الصراع العربي – "الإسرائيلي" بعنوانين وأهداف مختلفة، فيتوزع أطراف الحرب والوسطاء الدوليون والمفكرون الإعلاميون على محورين:

- محور يعتبر أن القضية قضية جغرافيا وسلطة، فيقول إما باستعادة فلسطين وإقامة دولة واحدة يعيش فيها اليهود والفلسطينيون، أو حل الدولتين، وهو الأكثر شيوعاً.

- المحور الثاني: يقول باستحالة المساكنة أو الوجود الثنائي لفلسطين و"إسرائيل"، ويعتقد أن الصراع هو صراع حضاري وديني، وإنه لا يتعلق بالجغرافيا فقط إنما بالصهيونية بشكل أساس، ويؤمن بهذا الاعتقاد الطرفان المتصارعان الآن:

- فالطرف "الإسرائيلي": يخوض حربه على أسس دينية (يهودية الدولة)؛ من إعادة بناء هيكل سليمان ونبوءات "إشيعيا"، وشعب الله المختار والبقرات الخمس الحمر، وكل الأساطير والخرافات التلمودية.

- الطرف الديني (حركات المقاومة الإسلامية): تحوض معاركها على معتقدات وأسس دينية، فتعتبر أن التحرير الأماكن المقدسة، خصوصاً المسجد الأقصى والقضاء على "إسرائيل" ككيان وجودي له سلطته ودولته هو أمر لا نقاش فيه، ويمكن أن يتم قبول اليهود كمواطنين لكن لا يمكن القبول بـ"إسرائيل" ككيان ودولة.

وفق هذه النظرة، وبناء على الحروب التاريخية التي جرت في فلسطين منذ آلاف الأعوام نرى أن الصراع في "إسرائيل" على الجغرافيا الفلسطينية ستحكمه المفاهيم الدينية والحروب الدينية، مع عدم إغفال المصالح الاقتصادية والأمنية والسياسية..

ولذا فإن أي هدنة أو وقف إطلاق نار سيكون مؤقتاً، ولو طالت سنواته، بانتظار المعركة الكبرى وحسم الصراع العربي - الفلسطيني.. إلى الجغرافيا الفلسطينية.. فإما بقاء "إسرائيل"، أو فلسطين. وفق الاعتقاد الديني للحركات والدينية الإسلامية، فلن تكون هناك "إسرائيل"، ومسألة زوال الكيان مسألة حتمية؛ عاجلاً أم آجلاً، والبعض يعدّ السنوات المتبقية لزوالها ليس بالدعاء فقط، بل بالقوة، خصوصاً بعد انتصارات تحرير الجنوب عام 2000، وحرب تموز 2006، وبعد حرب غزه 2023 التي لم تنتهِ بعد، وصار شعار زوال الكيان أقرب إلى الحقيقة من الأحلام والتمنيات..

سَيُهزَمون... وما النصر إلا من عند الله.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل