مقالات مختارة
لم تمض أيام قليلة على تحذير الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله العدو من التمادي قي استهداف المدنيين في جنوب لبنان، متوعدًا بتفعيل معادلة المدنيين مقابل المستوطنين، حتى أقدمت مسيّرة إسرائيلية معادية على استهداف مركبة مدنية جنوبًا.
الجريمة التي أودت بحياة أربع مواطنات، ثلاثة أطفال وجدتهن، دفعت المقاومة إلى تنفيذ وعد سيدها سريعًا. صواريخ كاتيوشا انطلقت من جنوب لبنان، قال العدو إنها أتت من اتجاهات عدة، وضربت في قلب مستعمرة كريات شمونة شمال فلسطين المحتلة، محدثة حرائق عدة، مع تكتم العدو على وقوع خسائر بشرية، كما فعل صباحًا مع التكتم عن مقتل مستوطن يعمل مع الجيش بصاروخ موجه استهدف شاحنة قرب أحد المواقع العسكرية التي استهدفتها المقاومة.
ما ميّز رد المقاومة الذي تمثل باستهداف كريات شمونة بالصواريخ ويعتبر الأول من نوعه مند عدوان تموز عام ٢٠٠٦ هو سرعته، وقد أتى بعد أقل من ساعتين من ارتكاب العدو جريمته، إضافة الى قسوته بحيث تخطت الصواريخ القبة الحديدة وضربت في منتصف مستعمرة كريات شمونة.
كذلك، انطلقت الصواريخ من اتجاهات مختلفة وفي توقيت واحد، وهو ما أشارت إليه وسائل إعلام إسرائيلية، أي أن المقاومة استخدمت تكتيكًا جديدًا، وهو أمر ذات أهمية عسكرية بالغة ستضع جيش الاحتلال أمام معضلات جمة في حال أعاد ارتكاب أي خطأ أو أي توسع مفترض للمواجهة.
من جهة ثانية، يفهم من مضمون بيان التبني الذي أصدرته المقاومة، أنها أمام استهداف أي مدني في الجنوب، فإنها ستبادر فورًا الى استهداف المستوطنات، وبشكل سريع وقاس، وهنا رسالة بالغة الأهمية للعدو مفادها بأن معادلة المدنيين مقابل المستوطنين قد فُعِّلت، ولن تقدم المقاومة على استهداف جنود فقط كما فعلت في المطلة كرد على قتل مدنيين اثنين قرب الوزاني قبل أيام، وبالتالي إن مرحلة جديدة قد بدأت.
إن هدف المقاومة هو حماية المدنيين، وهي مسألة حساسة بالنسبة لها، وهي معنية بوضع حد للعدو مهما كان الثمن، ودفعه لحصر المواجهة بشكلها العسكري صمن حدود الاشتباك المرسومة. ناهيك عن أن العملية ستلقي بظلالها على المستوطنين في شمال فلسطين المحتلة، أقله في المستعمرات الحدودية، حيث سجل غياب أي تعليق رسمي إسرائيلي على ما حصل، ولهذا الأمر دلالاته ويظهر أثر رد حزب الله السريع وقوة الردع الذي تتمتع به المقاومة، مع العلم أن نتنياهو في أول تعليق له على خطاب السيد نصرالله كان قد رفع سقف الوعيد للبنان، كما فعل مسؤولون آخرون كوزير الحرب.
إن معادلة المدنيين مقابل المستوطنين والتي كرستها المقاومة من خلال تفاهم نيسان عام ١٩٩٦، تبقى سارية المفعول، وعلى العدو احتساب خطواته أكثر.
خليل نصر الله ـ العهد