عمرو أديب .. للرُخص عنوان!

الجمعة 27 تشرين الأول , 2023 11:16 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة

أن تكون الإعلامي الأعلى أجراً في العالم العربي، لا يمنع أن تقدّم أداءً رخيصاً دفاعاً عن مانح هذا الأجر. عبارة تلخّص أصداء ما كتبه عمرو أديب، أوّل من أمس الأربعاء، على منصة X (تويتر سابقاً) دفاعاً عن الموقف السعودي مما يجري في غزة بعد انسحاب الممثل المصري محمد سلّام من إحدى مسرحيات «موسم الرياض»! الأهم من أداء عمر أديب الرخيص وهو يرتدي ثوب محامي الدفاع عن النظام السعودي وقائده الفعلي ولي العهد محمد بن سلمان، هو ما خلف هذا الدفاع من مؤشرات على هشاشة موقف الرياض السياسي والإنساني، هي الواقفة بين المنتظرين على باب التطبيع مع الكيان الصهيوني. هشاشة يمكن رؤيتها بوضوح ليس فقط من اللهجة العصبية التي استخدمها أديب في منشوره، ولكن من مناسبتها وتوقيت نشرها.

فأديب لم ينتظر لغاية اليوم الجمعة موعد عرض برنامجه «الحكاية» على «mbc مصر»، بل بدا كأنّ فيديو اعتذار محمد سلّام عن مسرحية «زواج اصطناعي» بمثابة حجر أصاب جبهة ابن سلمان وكان لابد من الرد السريع عليه، رغم أنّ الانتقادات الموجهة إلى السعودية والإمارات لم تتوقف منذ السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) الحالي مع بدء «طوفان الأقصى». لكن ربما الصدق الذي حملته كلمة الممثل المصري واندهاشه التلقائي من استمرار جدول «موسم الرياض» من دون تعديلٍ وسط دماء لا تجف في غزة، أزالا ورقة توت جديدة عن أنظمة ومؤسسات كشفها العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة، وبات تشدّق الرياض بأنّها ترفض التهجير وتطالب بوقف الحرب وإحياء عملية السلام، بلا قيمة أمام ممثل كشف أنهم مستمرّون في الاحتفالات والاستعراضات وكأنّ المملكة غير معنية بما يجري في الأراضي المحتلة!

#محمد_سلام_البطل، وسم انتشر عبر X بعد موقفه المشرّف، تزامناً مع بروز ردود أفعال عنيفة ضدّ كلّ مَنْ حاول انتقاد انسحابه باعتباره كان يجب أن يعتذر في صمت وفي وقت سابق حتى لا يُحرج زملاءه. حاول المنتقدون حصر القضية في «تعطيل مسرحية» يعمل فيها كثيرون ويتكسبون من ورائها. غير أنّهم لم ينجحوا في التفوّق على عمرو أديب الذي وإن أغلق خاصية التعليقات في حسابه تفادياً لرشقات غضب المتابعين، لكن الضربات جاءته من كلّ حدب وصوب وأكدت الحقيقة التي أقرّها رئيس هيئة الترفيه السعودية، تركي آل الشيخ، عندما قال له في حلقة الترويج لـ «موسم الرياض»: «أنت صناعة سعودية». وبالفعل، جاء وقت استغلال العبارة.

غير أنّ أديب لم يُحسن حتى اختيار الكلمات، ناهيك بالتوقيت الذي يبدو أنّه مجبر به، فكتب يقول: «محمد بن سلمان قابل واتصل بعشرات المسؤولين علناً بدءاً من (الرئيس الأميركي جو بايدن) وانتهاءً بشخصيات أمميّة مؤثّرة. ولكن المملكة لا تعشق الألعاب النارية... أضواء بلا فاعلية... لكنّها تريد المصلحة والإنجاز وهذه هي شخصية محمد بن سلمان المعروفة وهذه هي الطريقة السعودية على مدى السنين». لم يوضح عمرو أديب ما هي النتائج التي تحدّث عنها، وإذا ما كانت السعودية قد ساعدت حتى في دخول المساعدات كما فعلت مصر أو في قضية الرهائن كما تفعل قطر. لم تقدم المملكة كما الإمارات أي شيء، وفي الوقت نفسه أرسلت لنا عمرو أديب ليحذّرنا من إزعاج الرياض أثناء الاستمتاع بعروض «موسم الرياض». وختم الإعلامي المصري هذا المنشور بعبارة «حاسمة»: «لا تريد الذهاب إلى السعودية هذا شأنك، لكن كيف تعيش السعودية هذا شأنها»، مؤكّداً للجميع أنّ المقصود هو سلّام وأنّ «موسم الرياض» ونجاحه واستمراره أهم بالنسبة إلى ابن سلمان من أكثر من سبعة آلاف شهيد لغاية كتابة هذه السطور، فيما السعودية التي وضعها أديب ضمن «الكيانات الكبيرة» كل ما لديها هي التصريحات الدبلوماسية على أمل أن تتراجع تل أبيب من تلقاء نفسها عن العدوان. ليس فقط لإتمام صفقة التطبيع المعطلة، ولكن حتى تكتمل كرنفالات ومهرجانات ومواسم السعودية الترفيهية، من دون أن تزعجها صرخات الأمهات الثكالى ودموع اليتامى والمجروحين والمنكوبين.

 

لبنى سليمان ـ الأخبار

 

 إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل