الكرامة.. والدليفري

الخميس 28 أيلول , 2023 02:31 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة

وصل شاب لبناني إلى مدخل السفارة الأميركية في عوكر لتوصيل دليفري، ودون "سين وجيم" قال له الحارس: "نقبر صف بعيد".. هذا التوبيخ للذي عنده كرامة لا يمكن أن يسكت عنه، وهذا حقه، خصوصاً إذا كان من حارس يحرس سفارة بلاد تُحاصر لبنان واللبنانيين؛ بمنع استجرار الكهرباء والغاز من مصر والأردن، ولم توافق إلّا عندما وصل الحال بالمستشفيات إلى الإقفال وموت المرضى، وكذلك توقف معامل الكهرباء ومحطات ضخ المياه ومؤسسات خدمة المواطنين، ومحاولة قيادة حzب الل.. جلب المشتقات النفطية من إيران، هذا يعني أن الإدارة الأميركية تحاصر الشعب اللبناني وتحاصره حتى الجوع والعطش وصولاً للموت.
مقابل هذا،  ما هو موقف الشعب اللبناني بقواه السياسية والحزبية، وعلمائه، وحتى مراجعه الدينية؟ لم نسمع من كل هذا أي حالة عداء للشعب الأميركي حتى عندما يحصل أي اعتداء داخل أميركا على مواطنين، وما أكثر الاعتداءات نتيجة السلاح المتفلت "والمقونن" بين أيدي المواطنين هناك، وحتى عندما تحصل أي كارثه طبيعية في أي ولاية أمريكية الجميع عندنا يحزن على أي مواطن يموت من جراء ذلك، هذا يعني أن ثقافة محبة الشعوب عندنا هي على قاعده "الإنسان اما أخٌ لك في الدين او نظيرٌ لك في الخلق".
 إن هذا الشاب اللبناني الدليفري المُوبَّخ على مدخل السفارة الامريكية في عوكر أخذ قرار الثأر لكرامته - خطأ ام صوابًا قراره - فأطلق بضع رصاصات على مدخل السفارة، وبالمصادفة لم يصب أحد بأذى، وبعد جهدٍ جهيد ألقت الأجهزة الأمنية اللبنانية القبض عليه.. وهنا لابد من كلمة حق أمام الدولة اللبنانية وأجهزتها وقضائها بأنه يجب النظر الى هذا العامل كمواطن يعاني من هذا الحصار؛ كغيره من المواطنين، ويعبّر عن مشاعرهم ومعاناتهم، وكأبيّ يرفض الإهانة؛ وهنا نتساءل: لو جاء هذا المواطن واشتكى للدولة هل تجرؤ الدولة اللبنانية على محاسبة هذا الحارس للسفارة الأميركية في عوكر المُوبخ بطريقة استعلائية لمواطن يعمل دليفري؟
 إن التعاطف مع هذا الشاب اللبناني يجب ان يكون من الشعب ونقابة المحامين وخطباء المساجد والكنائس يُطالبون بإطلاق سراحه فوراً، ونُذكّر الدولة بأنه عندما كان يتم اعتقال أي مواطن من جماعة ما سُميّ بالثورة كان يتم إطلاق سراحه فوراً خوفاً من داعميه في الخارج حتى من اعتدى على القوى الأمنية كان يُطلق سراحه فوراً.. فلا تكوني دولة بلا كرامة.
 إبراهيم سكيكي


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل