مقالات مختارة
لماذا لا تسلّمون سلاحكم فتُحَلّ مشاكل البلد؟
جواب هذا السؤال حاضر من قبل ولادة من يطرحونه اليوم، وهم إن أحسنّا الظن بلهاء إن لم نستخدم تعبيرًا آخر.
لنعد سويًّا بالذاكرة إلى اجتياح العام 1982، وصمود المقاومة في وجه العدوان، وصولًا إلى التخاذل الذي أوصل منظمة التحرير إلى مسار التفاوض على الخروج من بيروت.
يومها انسحب المقاتلون مع أسلحتهم، وكان الحامي فيليب حبيب وولاياته المتحدة والمجتمع الدولي.
غفونا غروب السادس عشر من أيلول/ سبتمبر كما اعتدنا، لأنه في فجر غد ذلك الليل، كان يجب فتح الفرن للعجنة والخبز وتوزيعه على الناس. لكنّ نومنا لم يطل، انهالت الأخبار عن هول ما يجري، ونقل جارنا المصوّر بعض ما سجّلته عدسته من آثار جريمة القوات اللبنانية ـ الجناح العسكري لحزب الكتائب... اللبنانية.
لا سيارات اسعاف تكفي لنقل الجثث إلى خارج مسرح الجريمة، ولا مسعفون أو أطباء يمكن أن يقدموا أي خدمة طبية، بعضهم قتل، والبعض الآخر لا عمل له إلا جمع الأعضاء البشرية بانتظار من يحضر أكياس الموتى لجمعها فيه.
مساحة مسيّجة بجنود الاحتلال، ممرات خاصة مفتوحة للإرهابيين اللبنانيين القتلة، دخلوا إلى بيوت الفقراء اللبنانيين قبل الفلسطينيين، لم تشفع لهم هويتهم التي تحمل الأرزة المزروعة على علم بلادهم، قُتلوا، مُثّل بجثثهم، قطعت الأيدي والأرجل بالبلطات، انتثر الدم على جدران البيوت والأزقة.. ورائحة الموت فاحت في كل جنبات المخيم.
جاء دور الفلسطينيين، وكان التندر يومها أن يقول بندورة أو بنادورة، سال الدم أنهارًا، لم يعد المكان يتسع للجثث.. حتى الشجر بكى في صبرا وشاتيلا.
اغتصابٌ وبقرٌ لبطون الحوامل، تقطيع الأيدي والأرجل، نحر الأعناق، ليست مشاهد من أفلام رعب، إنها أفعال ارتكبتها وحوش لبنانية الهوية.. لكن من تلك "النوعية"، مدرسة العنصرية.
ما ترونه اليوم من صور لهول ما جرى لا يقدم صورة حقيقية عن الواقع.. لا وصف يقدر على نقل الواقع كما هو.. أكثر من 5000 شهيد وُوري في الثرى في مقبرة جماعية لتعذر القيام بأي شيء.. فقط جرافات تفتح بطن الأرض لتحضن أبناء الأرض وضيوفها على رجاء قيامة العدالة.
كي لا يعود الاسرائيلي إلى لبنان، ويعود الزمن إلى اليوم الذي ما زال فيه المجرم حراً، وما زال القتلة يحدثون عن تاريخهم، وما زال الأغبياء العملاء يطرحون نفس السؤال: لماذا لا تسلمون سلاحكم؟
صبرا وشاتيلا.. جواب مختصر لكل هؤلاء.
مصطفى خازم ـ العهد
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً