مقالات مختارة
ماذا حقق العدو الاسرائيلي من العدوان على جنين؟ سؤال بديهي يُطرح بمجرد الإطلاع على ما تظهره المشاهد التي انتشرت خلال وبعد انتهاء العدوان الصهيوني على مدينة جنين ومخيمها، سؤال يُطرح بإلحاح عند الاطلاع على بعض نتائج المعركة التي استمرت لـ48 ساعة تقريبا.
ومن هذه النتائج:
– سقط بالحد الادنى قتيل واصابات عدة في صفوف العدو الاسرائيلي، مع التنبه ان العدو طالما يعتمد على قاعدة عدم الاعلان عن خسائره الحقيقية، وبالتالي فمن الممكن ان يكون هناك اكثر من قتيل قد يتم الاعلان عنهم لاحقا بحوادث متفرقة، كما لو يُقال ان احدهم قتل بحادث سير وآخر صرع خلال التدريبات وهكذا.
– أسقطت المقاومة في جنين 5 مسيرات إسرائيلية.
– تم تفجير العديد من العبوات بآليات للعدو، وتؤكد المعلومات مقتل وإصابة من كان بداخل الآلية المستهدفة ببعض العبوات.
– من جديد تم ضرب هيبة جيش العدو الاسرائيلي العاجز عن الدخول والتوغل في منطقة مساحتها كيلومتر واحد.
– ظهر للعالم كله مدى الفشل الامني الاستخباراتي الاسرائيلي، حيث لم يتبين ان هناك أهداف فائقة الاهمية قد تم استهدافها داخل جنين او مخيمها.
– تم التأكيد على المؤكد ان العدو الاسرائيلي يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية حيث تم هدم بيوت بأكملها وتكبيد الناس خسائر كبيرة بالممتلكات من دون وجود حاجة عملية لذلك وعبر استخدام القوة المفرطة في غير مكانها، ما يؤكد ان الصهاينة مجرمون وينتهكون حقوق الانسان في زمن الحرب كم في زمن السلم.
– الواضح ان المقاومة في الضفة غيّرت معادلات الاشتباك والردع، وساعدها العدو عبر حماقته بالعدوان على جنين ان تثبت هذه المعادلات.
واللافت ان المقاومة الفلسطينية لم تقفل الحساب مع العدو الاسرائيلي بعد الإعلان عن انسحابه من جنين ومخيمها ووقف العدوان، بل سارعت الى تسديد قسط كدفعة على الحساب للصهاينة عبر تنفيذ احد أبطال المقاومة الشهيد أحمد ياسين غيظان عملية بطولية بمستوطنة “كدوميم” قرب قليلية بالضفة المحتلة، وقد تبنت “كتائب القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس” العملية، وأكدت أنها “أتت كرد سريع على عدوان الاحتلال وتغوله على أهلنا وشعبنا بمخيم جنين، ورداً على تدنيس مقدساتنا، وتمزيق المصحف الشريف في بلدة عوريف”، واعدة الاحتلال بالمزيد…
وفي هذا السياق، يجمع المتابعون للشؤون العبرية، حتى المراسلون العسكريون الصهاينة أنفسهم، بأن “الاهداف التي وضعها العدو الاسرائيلي للعدوان على جنين لم تتحقق، فالعدو تحدث عن إعادة الردع الى الضفة، الامر الذي لم يحصل خاصة بعد تنفيذ عملية تل ابيب واخرى قرب كدوميم ومن ثم اطلاق نار بنابلس.. وبالتالي فشلت مهمة العدوالذي أنهى العملية في جنين بسرعة كبيرة خوفاً من معركة وحدة الساحات وامكانية دخول قطاع غزة على خط المقاومة وإطلاق الصواريخ، فالعدو كان، ولا يزال، يخشى من ان يقع له قتلى اكثر ويتورط بدفع أثمان اكبر عسكريا او سياسيا داخل الكيان”.
الخبراء في الشأن العسكري أشاروا الى ان العدو الإسرائيلي اعلن انه يريد التخلص من اكبر عدد من المسلحين في جنين، ولكن المقاومين استطاعوا بتكتيكات معينة الحفاظ على الارواح وعدم الوقوع بالكمائن وأفشلوا المخطط المرسوم. كما ان الهدف الموضوع صهيونياً بمصادرة السلاح فشل ايضا، لان المقاومين بمجرد انسحاب العدو ظهروا بكامل تجهيزهم العسكري، وحتى سلاح العبوّات، فقد كشف المديان في ساعاته الأخيرة استمرار وقوع مصفحات العدو في مصيدة عبوات جنين الفتّاكة، والتي باتت تشكل كابوس مشاة جيش العدو.
وفي خلاصات القراءة لما حصل، فإن العدو حاول ان يدّفع أهالي جنين الثمن لانهم البيئة الحاضنة للمقاومين، وهذا أيضا فشل لان الاهالي أكدوا جهوزيتهم للتضحية بالمنازل والارواح حفاظا على المقاومة وسلاحها، وهذا ما ظهر من خلال المشاركة الشعبية المهيبة بتشييع الشهداء، وحتى أن الاعلان عن العملية ولحين الحديث عن نتائجها، فقد ظهرن تناقضات الموقف الاسرائيلي الرسمي، خاصة بين القيادات السياسية والامنية. فعلى سبيل المثال، لم يكن الوزير بن غفير على علم بالعملية منذ بدايتها، في حين ان بعض الوزراء رفعوا السقف المرتجى منها، بينما موقف رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو كان مختلفا”.
خلاصات الخيبة الإسرائيلية في مخيم جنين
عجِزَ العدو الإسرائيلي عن تحقيق انتصار وهمي. فهو بحث في جنين عن إنجاز في ظل مجمل الإخفاقات التي يعيشها، فضلاً عن أنه لا يستطيع الدخول في حرب مع غزة او مع لبنان او مع سوريا او مع ايران، وبالتالي ذهب الى الضفة لتحقيق انتصارات وهمية.
كرّست المعركة ما قاله الامام السيد علي الخامنئي بأن “الضفة الغربية هي أساس لتركيع العدو”، وبذلك فإن الضفة الغربية صارت – ولو بسمّى مخيم جنين – جزءاً من محور المقاومة الذي تمدد إلى أن وصل إلى أسفل أنف كيان الإحتلال، وهو ما كانت تحذر منه أوساط وزارية صهيونية منذ العام 2017.
إنّ ما حصل في الضفة شبيه بما حصل سابقاً في قطاع غزة الذي تم تحريره في العام 2005، إذ أن صمود المقومة في مخيم جنين فتح باب الامل لدى المقاومة الفلسطينية وشعبها بإمكانية تحرير الضفة.
تراجع التيار الداعم لتطبيع العلاقات مع العدو في الشارع الفلسطيني وخاصة في الضفة، في حين ثبُت أن خيار المقاومة هو التيار الصاعد، وأن المستقبل له بعدما أصبحت الضفة الغربية جزءاً من معادلات الردع التي لم تتحقق بسبب “وساطات” أنظمة المنطقة، وإنما بفعل إرادة المواجهة بكل أشكالها.
ذوالفقار ضاهر ـ المنار
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً