مقالات مختارة
لا شك ان الموقع الجغرافي للضفة الغربية في قلب فلسطين المحتلة يجعلها تمتلك ميزات هامة في المقاومة ضد كيان العدو الاسرائيلي الجاثم على ارض فلسطين منذ العام 1948 بشكل رسمي.
وهذا الموقع الاستراتيجي للضفة طالما حاز على اهتمام الجميع سواء من أهل الارض اي الشعب الفلسطيني بكل فصائله وقياداته التاريخية والحاضرة من جهة، ومن جهة ثانية شغل بال العدو وقياداته لا سيما الامنية والعسكرية، فالنسبة للفلسطينيين طالما سعوا وأرادوا الاستفادة من هذا الموقع الهام للضفة لفتح النار على قلب الكيان الغاصب وإشغال العدو ودق المسمار المؤلم في جسد الغدة السرطانية المزروعة في منطقتنا أي “إسرائيل”.
أما بالنسبة للصهاينة فهم طالما عملوا على قمع الضفة وإسكات كل صوت مقاوم فيها وقد استفادوا كثيرا من سيطرتهم الامنية عليها وتجسسهم على الاتصالات ووجود العملاء على الارض، ناهيك عن تعاون أجهزة السلطة الفلسطينية في منع أي تحرك مقاوم يأخذ مداه في العمل المسلح ضد العدو وقطعان المستوطنين سواء في الضفة او في الداخل الفلسطيني المحتل.
ومؤخرا تصاعدت المقاومة الفلسطينية المسلحة في مختلف مدن وقرى الضفة الغربية المحتلة في التصدي للاعتداءات الاسرائيلية والمستوطنين الصهاينة، فناهيك عن العمليات شبه اليومية ضد العدو والمستوطنين والتي تتنوع بين إطلاق نار وطعن بالسكاكين ودهس بالسيارات وإلقاء الزجاجات الحارقة وغيرها من الاعمال البطولية.. وكان اللافت في الفترة الاخيرة إدخال المقاومين سلاح الصواريخ الى معادلة المقاومة ما ادى الى رفع مستوى المواجهة مع الصهاينة، بالاضافة الى العبوات التي استخدمت في مخيم جنين واستهدفت آليات للعدو ما ادى الى مقتل وإصابة عدة صهاينة، كل ذلك بات يعني ان لا راحة للعدو الاسرائيلي والمستوطنين في مناطق الضفة وان النار الفلسطينية ستحرقهم مهما حاولوا التمويه او الاختباء او الاستفادة من معلومات بعض المتعاملين من الخونة في أي موقع من كانوا.
وهذه المقاومة الفلسطينية المتصاعدة تتزامن مع مواصلة العدو الاسرائيلي اعتداءاته على الشعب الفلسطيني في الضفة المحتلة، حيث يقوم بصورة شبه يومية باقتحام القرى والبلدات وتنفيذ عمليات دهم واعتقال حق الفلسطينيين، ويواصل العدو التضييق عليهم في حياتهم اليومية ناهيك عن استمراره في سياسة هدم المنازل والممتلكات خدمة للمشاريع الاستيطانية الصهيونية.
كما ان المستوطنين الصهاينة يواصلون اعتداءاتهم المختلفة بحق الفلسطينيين في الضفة، بحماية ودعم من قوات العدو، وتتنوع هذه الممارسات بين اطلاق النار على المدنيين العزل في اختلال واضح لمعايير القوة بين الطرفين في مناطق محتلة بما يخالف كل الاعراف والقوانين الدولية الراعية لحماية المدنيين في زمن الاحتلال، كما يقوم الصهاينة بالاعتداء على ممتلكات وآليات(المدنية او الزراعية) الفلسطينيين، ومن بين الاعتداءات السطو على الارض الزراعية سواء لزرعها وتملكها او لرعي الاغنام فيها فيما يمكن تسميته بـ”الاستيطان الرعوي”، ناهيك عن قطع والإضرار بالاشجار المعمرة والمزروعات المختلفة.
وقد توج العدو الاسرائيلي جرائمه اليوم بعدوان واسع على مدينة جنين، ليؤكد انه يتمادى بجرائمه ولا بد من رفع وتيرة المقاومة المسلحة ضده وعدم المهادنة معه تحت اي ظرف من الظروف وان لا عذر يسمح بالتساهل مع العدو والمستوطنين المحتلين لهذه الارض، الذي يتمادون بوقاحة وفجور بارتكاب جرائم القتل والتهجير للمدنيين من بيوتهم في جنين ومخيمها.
وحول كل ذلك قال المختص بالشؤون الصهيونية ايمن علامة في حديث لموقع المنار إنه قبل شن العدون الحالي على جنين كان “هناك تعارض وانقسام في كيان الاحتلال بين من يريد شن حملة عسكرية على الضفة وبين من يعارضها”، ولفت الى ان “الضفة الغربية ككل كانت مصنفة(لدى العدو) بمنطقة محيّدة نوعا ما من الاشتباكات والاحتجاجات إذ تعتبر في أدبيات قادة الاحتلال أنها الخاصرة الرخوة”، وتابع “يكمن الخوف من شن اي عملية في الضفة الخوف من فتح جبهة غزة وهذا ما يعبر عنه بتوحد الساحات الذي يخشاها العدو”، واشار الى ان “التصريحات الصهيونية تظهر الخوف من تحوّل الضفة لـ(جنوب لبنان) رقم اثنين، كما ان إعلام العدو بات يتحدث عن ان الضفة تتلبنن نسبة الى اتباع اساليب المقاومة في الجنوب”.
وحول المخاوف الإسرائيلية من تطور صواريخ المقاومة بالضفة، لفت علامة الى ان “المحللين الصهاينة يحذرون إطلاق الصوريخ من الضفة، نظرا لموقعها الجغرافي القريب من المستوطنات”، وتابع ان “المستوطنين يعتبروا أن إسرائيل لا يمكن أن تسمح بإطلاق الصواريخ من الضفة الغربية، فهي ليست غزة، والغلاف ليس تل أبيب”، وأشار الى “المسافات القصيرة بين مدن الضفة الغربية والمستوطنات الصهيونية تهدد بخلق واقع لا يمكن لكيان العدو أن يتعايش معه“.
وأوضح علامة ان “المحللين الصهاينة باتوا يتحدثون منذ فترة عن ان قواعد اللعبة تم تغييرها من قبل الخلايا المسلحة في جنين، ما يتطلب من الجيش الإسرائيلي تغيير قواعد اللعبة من جهته أيضا ويحتاج لإعادة فحص طرق اقتحامه للمدن الفلسطينية ومخيمات اللاجئين لتجنب الدوس على الألغام أو العبوات الناسفة التي زرعها المقاومون، ولهذه الغاية يحتاج الجيش لزيادة جهوده الاستخباراتية، وتحديد مواقع المعامل التفجيرية”.
ولعل هذا الخوف الاسرائيلي من تغيّر قواعد الردع والاشتباك مع المقاومة الفلسطينية لا سيما في الضفة هو ما دفع الى ارتكاب هذه الحماقة بالعدوان على جنين، ولكن كل التجارب تؤكد ان المقاومة حاضرة لصد العدوان وتلقين العدو الدروس والعبر، فهو لم يتعلم من عبوات جنين الاخيرة وربما يحتاج الى المزيد كي يدرك ان تموز الذي عاشة جحيما في جنوب لبنان عام 2006 يكرر نفسه في الـ2023 في جنين ومخيمها كما في بقية الضفة الغربية المحتلة.
ومن المفيد الاشارة لما قاله الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي زياد النخالة في حديث صحافي يوم السبت 1-7-2023 “..عملنا ونعمل على تشكيل كتائب مقاتلة في كافة المدن الفلسطينية وفي الضفة الغربية.. حجم وقدرة هذه الكتائب تتفاوت من مكان إلى مكان آخر، حسب قدرتنا على التسليح وتوفير الامكانيات..”، ونوه باهتمام الجمهورية الاسلامية الايرانية وخاصة الامام السيد علي الخامنئي، بمسألة تسليح الضفة، وقال “عندما دعا سماحة القائد لتسليح الضفة الغربية، حقيقة وضع يده على منطقة حساسة جداً فيما يتعلق بالصراع مع العدو…”، وأكد “تم تعاون الجميع من أجل إحداث تغيير ونقلة نوعية في الحالة الفلسطينية وتم وضع برامج من أجل ذلك… من أجل أن تنتقل الضفة الغربية من حالة المساكنة والهدوء لحالة المقاومة التي نراها اليوم”.
وبنفس السياق، أكد القيادي في حركة الجهاد داوود شهاب ان “صورة الردع الاسرائيلي تآكلت أمام ضربات المقاومة في جنين وهو اليوم يريد ترميمها..”.
ذوالفقار ضاهر ـ المنار
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً