أقلام الثبات
في ذلك اليوم، في 22 أيار 2000، علمتُ أن العدو بدأ يندحر عن الجنوب، خرجتُ من مكتبي وتوجهت لتوّي جنوباً..
كان ثمة شيء كالحلم، تكاد لا تصدقه عيناك، لولا شلالات الفرح الجنوبية المتدفقة من كل مكان، نحو الأرض المعمدة بالدم وبالعرق.
تذكرتُ هنا كلام الكاتب والأديب اليساري الفرنسي لويس اراغون، حينما بدأت الدبابات الهتلرية - النازية تندحر عن باريس، تحت تأثير ضربات المقاومة الفرنسية، التي كان أبطالها قد باشروا المقاومة قبل أن يتدخل الحلفاء لنصرة شارل ديغول.
يكتب أراغون: "هو ذا اليوم الذي أضأنا فيه القمر".
لكن إذا كان أراغون يتحدث عن ذاك اليوم البهي، الذي صارت فيه المقاومة الفرنسية برتبة "القديسين"، يضاف إليها دخول قوات الحلفاء ومعهم الولايات المتحدة بكل قوتهم ضد ألمانيا النازية التي اندحرت بدخول الجيش الأحمر السوفياتي إلى برلين ،وتحطيمه النازية الهتلرية ، فإن مقاومتنا في لبنان كانت وحدها، وقاتلت لوحدها، دون أن نغفل بالطبع الدعم المجيد من سورية وإيران.
فماذا عسانا نقول عن تلك الأيام المجيدة من 22 إلى 24 أيار 2000.
ببساطة، ثمة شلالات من الأنوار يجب أن تضاء..
فقد حقق مقاومو لبنان الإعجاز، وصنعوا فعلاً وحقيقة المستحيل..
لقد قهر المقاومون البواسل ما ركب في الرؤوس، عن "الذين لا يقهرون".
حقق المقاومون "نبوءات أنبياء" الكيان العدواني، قالها يوماً الصهيوني المقبور ارائييل شارون خلال اجتياح لبنان عام 1982: "عندما نتراجع خطوة واحدة إلى الوراء فلن يبقى هناك إسرائيل".
قبله، أعلنها بن غوريون "هزيمة واحدة لإسرائيل يعني نهايتها"، لهذا جعلتها هذه الرأسمالية العالمية المتوحشة ترسانة من أعتى أنواع الأسلحة التي تخترعها عقول الغرب الشريرة، للفتك بالبشرية، وكانت على الدوام تمدها بكل أسباب القوة العسكرية والمادية.
وزير الحرب الإسرائيلي الميت "موشيه ديان" كان يهدد لبنان "أنه بفرقة موسيقى الجيش يستطيع احتلال لبنان".
في ذلك اليوم، قبل 23 عاماً، شعرنا نحن الذين تربينا على الشعارات الكبيرة.. التي كان نظام الأعراب الرسمي يهزمها، أننا نداوي كل أوجاعنا، أننا نمحي كل أنينا، أن قبضاتنا التي كنا نرفعها يوماً، ستبقى مرفوعة "لبيك يا "Nasr allah" الذي أكد لنا وقدم الدرس والبرهان "أن ذلك الكيان أوهن من خيوط العنكبوت".. وقد تأكد ذلك في تموز – آب 2006.