أقلام الثبات
شعر اللبنانيون مع حصول الزلزال المدمر في تركيا وسوريا بتردداته، ودب الخوف والهلع الشديدين، وبعضهم نزل إلى الشوارع والساحات خوفاً من الأدهى، ومن تسنى له أن يطلع على تجربة زلزالية تعرض لها لبنان قبل 67 عاماً، أي في عام 1956، سواء من كبار السن أو من قرأ عن ذاك الزلزال، أو سمع من أهله وأجداده عن فجيعة 1956 الزلزالية، حضرت إليه تجربة ذاك العام الحزين , فجر الإثنين السابع من شباط 2023 بفواجعها وفضائحها.
وفي وقائع ذاك الزلزال أنه بين الساعة التاسعة و35 دقيقة والتاسعة و45 دقيقة من مساء يوم الجمعة في 16 آذار 1956 تعرض لبنان لثلاث هزات متتالية، ضربت مناطق واسعة، كان مركزها كما أشارت الصحف آنذاك الروافد السفلية لنهر بسري، وبالتالي كان للقرى المحيطة بالنهر نصيبها الأكبر من الزلازل، فدمرت قرى بشكل كامل، وخصوصاً: روم، عازور، شحيم، جون، قيثولي وكفر حتى، ووصلت إلى كامل الشوف، وإلى صيدا والجنوب وبعض البقاع الغربي، متسبباً بخسائر كبرى وسقوط ضحايا وبشكل خاص في بلدة شحيم. تلك الفاجعة كشفت آنذاك هشاشة الدولة التي بقيت سلطاتها في الساعات الأولى من وقوع الزلزال متكتمة عليها، وبالتالي: تأخر تقديم العون والمساعدات وجميع أنواع الإنقاذ للمنكوبين.
أما الخسائر فكانت مقتل 136 شخصاً، وتدمير 6 آلاف منزل بشكل كامل، و17 ألف بشكل جزئي. أما شحيم في إقليم الخروب فقد تضررت آنذاك بمنازلها ال400، وسقط 33 ضحية، وفي جون 4 ضحايا، وفي باتر 9 ضحايا، وفي المختارة 4 ضحايا، و3 في كفر حتى، والعديد من الضحايا في قرى أخرى. مواجهة السلطة لكارثة 1956 كشفت آنذاك هشاشة الدولة، وعجزها عن إدارة الأزمات، واليوم يتأكد للبنانيين عجز هذه الدولة عن إدارة أصغر الأزمات إلى أكبرها، من حرائق الغابات إلى فيضانات الشتاء مروراً بالنفايات والأوبئة، فتكون النتائج فادحة الخسائر، ويتحمل المواطنون وحدهم إهمال سلطة المال والفساد المستمر.