عندما يستبيح الغرب السيادة ويُصَفِّق السياديون الجدد

الأربعاء 11 كانون الثاني , 2023 09:49 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة

أزمات البلد ليست جديدة، وهي لم تخرج للعلن بعد ١٧ تشرين الاسود من العام ٢٠١٩، ولا هي صدفة أنَّ البلد فيه لصوص وفساد، كما انها ليست صدفة تلك الخطوة التي اتخذتها دول اوروبية تجاه لبنان.

نعيش اليوم حالة من التخمة في السيادة، لدينا سيادة في مطالبة البعض بمؤتمر دولي، وسيادة في طلب تحقيق دولي في انفجار المرفأ، وسيادة في القضاء، دون ان ننسى سيادة اليونيفيل على أرضنا، وختامًا مع سيادة بعض الأحزاب والجمعيات والشخصيات.

التخمة في السيادة تتعطل لدى السياديين امام دماء الشهداء والارواح التي بُذلت من اجل تحرير الارض، ولا تتعطل امام مشهد لقاضٍ لبناني سيتحول الى باش كاتب امام قاضٍ اوروبي، وكأن العدل مات فينا وماتت الكرامة لدى المهللين للخارج، فلم نعدل فيما بيننا فجاءنا العدل من هناك بأبعاد سياسية واقتصادية وربما امنية.

السيادة استُبيحت، ماذا بعد؟

بعد الازمة لدى الاخوة المسيحيين في سبيل الاتيان برئيس للجمهورية والشرذمة فيما بينهم لغايات وحسابات غير سيادية بل لحسابات تحاصصية بعناوين وطنية، استُبيحت السيادة والسياديون يهللون لها، فأين هم من القضاء؟ وعن اي سيادة يبحثون والقضاء الاعلى مُعطل والهرم برمته معطل والرشوة في القضاء تصنع وزراء ونوابا وأصحاب نفوذ.

وبعدما استُبيحت السيادة بات واضحًا ان المشروع سيتدحرج الى أبعد من ذلك ليُستكمل نحو ملفات اخرى، ولكن الاخطر من ذلك الابعاد التي تستهدفها هذه الملفات على مختلف الصُعد ومدى تأثيرها على الأمن القومي. وهنا لا بُدَّ من أن نبحث عن غايات من يريدون استهداف الأمن القومي ومن يريدون تحصيل حقوق المواطنين، وأخيرًا من يريدون تحقيق المكاسب السياسية.

على مستوى الأمن القومي

الانقسام الحاد بين اللبنانيين لا يحتاج الى شرح او توضيح او تفصيل، فمن خلال مقابلة تلفزيونية او تصريح او حتى اشارة الى شارعٍ ما، ينفلت الوضع ويسود الهرج والمرج وقد تسقط الدماء بلحظات،. فكيف اذا كان الهدف من خلال هذا الحدث عليه علامات استفهام؟ هنا لا شك أنَّ الأمن القومي مهدد من خلال اخراج ملفات قضائية ولكن ذات بعد فتنوي سياسي وربما موجهة بهدف اثارة الفتنه. لذلك يجب ضبط ما يحصل ووضع ضوابط خاصة بتهديد الأمن القومي.

على مستوى حقوق المواطنين

لا يمكن لأحد قياس أي حركة دولية من باب العاطفة والمحبة والحرص على تاريخ لبنان ومحبة شعبه المضياف. كلا، الحسابات مختلفة وهي تتركز على مصالح دولية وحاجات للدول في الشأن اللبناني سواءٌ ذات طابع ذاتي ويختص بها، او ذات طابع خارجي تحت عناوين الشفافية والمحاسبة.

لكن بحسب المعلومات المتوفرة ونظرًا لضبابية فحوى التفاصيل عن عمل الفرق القضائية القادمة الى لبنان، لا شك أن هذه الفرق آتية من أجل التحقيق بملفات مالية خاصة بخرق القوانين لديها. من هنا على المواطنين معرفة حقيقة واحدة، ما يحصل هو ذو طابع ذاتي ويصب في مصلحة الجهة الخارجية وليس بهدف تقديم شيء للمواطن اللبناني، فإذا اتهم رياض سلامة بتبييض أموال وفساد في لوكسمبورغ، هذا لا يعني ان فساده المقونن في لبنان هو غير مرئي، كلا انه مرئي ولكن حقوقكم كمواطنين طالما لا تصب في مصلحتهم الخارجية، فلا تعنيهم.

على مستوى المكاسب السياسية

في تفصيل الأزمة المالية في لبنان نجد ان جزءا مهما من المؤثرين في حدث انتخابات رئيس الجمهورية هم من النافذين بشكل مباشر او غير مباشر في ملف الدين العام واسقاط الدولة ماليًا، وذلك برعاية رياض سلامة الحاكم المركزي للمنظومة المالية في البلد.

من هنا تنشأ أمامنا حلقة يستطيع رياض سلامة التحكم بها، الا وهي الحلقة المالية بشقها الفاسد والتي تهدد قرابة ٧٠٪؜ من النواب في البرلمان وربما أكثر وذلك بشكل مباشر او غير مباشر. واذا كان رياض سلامة في دائرة الاهتمام مع المصارف المذكورة حتى الآن، هذا يعني انه سيكون هناك مفاوضات سياسية متقدمة على مستوى المرحلة المقبلة لتحقيق مكاسب للخارج، او التدحرج نحو فضائح مالية كبيرة تسود القطاع المالي ـ السياسي منذ بداية الطائف حتى يومنا هذا.

في الخلاصة، حفلة تصفيق من السياديين لحملة قضائية خارقة للحدود والأصول والأعراف، تُشَوِّه صورة الوطن المتمزق بسبب حالة التشتت بين غرب يقود حربا ناعمة وشرق فاتح افق التعاون الممنوع غربيًا ومُغطى من قبل سياسيين لبنانيين داخليًا. ما يحصل اليوم يثير الشفقة على السياديين، ويؤكد انهم يفاوضون القضاء الاوروبي للخروج بأقل الخسائر الممكنة، والسياديون هؤلاء ليسوا فقط من السياديين الجدد، هم ثلة ممن خاضوا معارك السيادة منذ اتفاق الطائف، مرورًا بـ١٤ آذار والسياديين الفاسدين، وآخرهم السياديون الجدد.

 

د. زكريا حمودان ـ العهد

 

 

   إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً

مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل