لبنان الى أين؟

الخميس 17 تشرين الثاني , 2022 08:27 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة

يشهد لبنان أزمات خانقة متتالية تضعه أمام مرحلة وجودية إما أن تتظافر الجهود الوطنية بغض النظر عن تبايناتها السياسية لإنقاذ لبنان ، وإما أن تزداد وتيرة التشنجات والصراعات التي تمهد الطريق نحو فوضى شاملة تقود إلى انهيار كامل.

وهل يحدث ذلك لأن مصادر نفطية عليمة أكدت على أن لبنان سيمتلك أكبر ثروة نفطية وغازية في منطقة الشرق الأوسط ، فتصبح عندئذ الطاقة نقمة وليست نعمة على شعب لبنان؛ أن لم تحسن الطبقة السياسية الاستفادة من هذه الثروة في تنمية لبنان وإرساء قواعد الاستقرار السياسي فيه .

إن أزمات لبنان المتعددة ليست وليدة إرادات وطنية داخلية بقدر ما هي إرادات خارجية ألبست لبنان نظام محاصصة طائفي؛ ولد طبقة سياسية تمتعت بامتيازاته لأكثر من مئة عام قدمت مصالحها الخاصة على المصلحة العامة، مما أسهم فيما وصلنا إليه من نهب وفساد من قبل طبقة غير آبهة لعذابات اللبنانيين ، وكأنها تنتقم من الحرف الفينيقي الذي نشره لبنان لتردها إلى جاهلية تدمر اخضراره وحضارته الثقافية .

ومن المفارقة أنه حين توفر للبنان بعد حرب طويلة اتفاق أجمع عليه اللبنانيون من أجل الخلاص والإصلاح، آثرنا الإبقاء على المؤقت من اتفاق الطائف ومنعنا السير في تطبيق البنود الإصلاحية من هذه الوثيقة الوطنية، فنكون قد عطلنا الجهد الوطني والعربي للوصول إلى هذا الاتفاق، الذي كان ثمنه أكثر من مئتي ألف شهيد وتدمير لبنان للوصول إلى هذه الصيغة.

ولم تكتفِ تلك الطبقة في منعها من تطبيق البنود الإصلاحية من اتفاق الطائف بل منعت أي معالجة نقدية واقتصادية، وكأن لبنان أصبح متروكاً لتلك الطبقة تتلاعب في مصيره ومصير أبنائه ، ومن ثم تقدمه لقمة سائغة لشركات النفط العملاقة بظل غياب أي رأي عام وطني عمل كثيرًا على تدجينه وأخذه إلى صراعات هامشية ليصبح منهكاً مستسلمًا غير قادر على المواجهة والإصلاح.

إن تلك الخيارات التي يقف أمامها لبنان ، في الوقت الذي تحيط بنا صراعات كبرى إقليمية ودولية تجعل منا - كقوى وطنية - أمام تحديات كبرى لامتلاك مشروع إنقاذي للبنان دون أي إبطاء أو تأخير لأن الوقت لم يعد يتسع إلى مزيد من المشاورات لأن الأمر بات واضحاً جلياً إما إنقاذ البلد عبر تطبيق النصوص الإصلاحية لاتفاق الطائف ، وإما انتظار الوصايات الخارجية تحت عنوان مساعدة لبنان في استكشاف ثرواته النفطية التي تخفي استعمارًا جديدًا يطيح بانجازاتنا الوطنية ويمتد لسنوات طويلة.

 

نائب الامين العام لحزب الاتحاد

المحامي احمد المرعي


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل