مقالات مختارة
ما يحدث في إيران برأيي شأن داخلي.. والسلطات الإيرانية أدرى بمجريات الأحداث وإيجاد الحلول والتعامل مع التظاهرات بما تراه مناسباً.. كما أن القضاء الإيراني أدرى بحيثية القضية والبت بحكمه فيها..
وقد علمتني التجربة ألا اصطاد في الماء العكر وألا أصدق معظم ما يتم ضخه في وسائل الإعلام والتي هي وسيلتي لمعرفة الأحداث الدولية والعالمية خاصة مع سنوات الحرب على بلادي السورية وما تمّ ضخه من أخبار مغرضة بل أكثر من ذلك تورطت وسائل إعلام عربية وعالمية بإشعال الحرب على بلادي وتشويه الحقائق وفبركة الأخبار حول ما يحدث في البلاد حتى وصل بها الأمر لإنشاء استديوات خاصة لفبركة الأحداث ووضعها في إطار مغاير عن الواقع تحت مسمى "الحرب الأهلية" و "ممارسات النظام التعسفية ضدّ شعبه" في حين كانت الحقيقة حرب إرهابية على الأرض السورية..
وفيما كان الجيش السوري وحلفائه يحارب الإرهاب كانت تلك الوسائل الإعلامية المعادية تنقل الصورة بطريقة مغايرة كلياً عن الواقع لتظهر "الجماعات المسلحة" و "المنظمات الإرهابية" التي حاربها الجيش السوري بمظهر "المعارضة المعتدلة" واستجرار تعاطف الرأي العام العالمي مع هذه الجماعات بحنكة وذكاء عبر استعطاف القلوب.. ومنذ أحداث درعا الأولى التي عنونت بحكاية "أطفال درعا" وصولاً إلى "مسرحية الكيماوي" والتظاهرات التي اندلعت في أنحاء سورية كان هناك من كتب السيناريو ومن أخرجه وحتى الممثلين والكومبارس فعانت بلادي على مدار عقد من الزمن ما عانته وتعرض شعبي لأقسى أنواع العقوبات الأحادية والسبب أنه لم يقبل ببيع أرضه ووطنه.. لم يرضَ بأن يكون ممثلاً بدور الخائن لبلده.. ولم يقف متفرجاً على دمار وطنه..
بالتالي ومع علمي المسبق بوجود من يصطاد بالماء العكر ومعرفتي بالآلة الإعلامية الجاهزة التي ضخت وتضخ الأخبار الكاذبة وصناعة تلك الأخبار في غرف سوداء والتي سنحت لي الفرصة بمعرفتها كوني ابنة البلد وعلى تماس مباشر بالأحداث الجارية في سورية فإن تجربتي هذه تجعلني لا أصدق كل ما يقال عن التظاهرات في إيران سواء فيما يتعلق بأسبابها أو تطوراتها..
وكباحثة أكاديمية فقد تعلمت أن أبحث عن المعلومة وأستقصي الحقائق بطرق علمية ومنهجية بعيداً عن العواطف وإيجاد البراهين والأدلة الموضوعية ومقارنة جميع الأدلة والمعلومات والمعطيات وتحليلها وتفنيدها لمحاولة الوصول لنتائج علمية مثبتة فالأمانة العلمية هي شيء مقدس وكذلك الأمانة الإعلامية التي باتت أحد أهم وسائل وأدوات الحروب وهي الحرب الناعمة القائمة على الإعلام ونشر الإشاعات لتفتيت المجتمعات من داخلها والتي تحقق هدف مروجيها في كسب العقول والقلوب..
وك بداية البحث العلمي لا بدّ من حدث أبدأ به ولن أبدأ بالتظاهرات طبعاً بل البدء يكون بالحدث الأهم وهو توقيع الإتفاق النووي الإيراني الذي بات قاب قوسين أو أدنى من توقيعه وفق الشروط الإيرانية وتوقف هذه المفاوضات بعد أن اقتربت من نهايتها يجعلها بداية البحث في أسباب التظاهرات ولماذا كل هذا الضخ الإعلامي الهائل ضدّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع اقترابها من الاستحصال على الإتفاق وفق شروطها أو الاستحصال على القنبلة النووية وفق تطويرها لأبحاثها النووية..
وهل فعلاً هذه الفتاة الإيرانية - الكردية توفيت وفق ما روج الإعلام له أم أنّ وفاتها العادية كانت لحظة الصفر في الإسراع بتنفيذ الأجندة الغربية وبالتالي أداتها الإعلامية كبداية لإشعال التظاهرات ومادة أولية للبناء عليها وفق ما سميته الصيد بالماء العكر .. وهل حكومة رئيسي المحافظة كونه رجل دين سبب في إشعال تلك التظاهرات أم أنّ حكومته المحافظة لم ترضخ للشروط الأميركية والغربية خاصة وأن قدوم رئيسي إلى سدة الحكم أثار المخاوف والهواجس الأميركية والغربية من تشدده وكانت حينها تسعى لإبرام اتفاق قبل وصوله لكن إيران أجلت المفاوضات حينها حتى بعد وصوله..
كل تلك التساؤلات وغيرها مشروعة والبحث في الإجابة عليها هو المسار الصحيح برأيي بعيداً عن ما يتم ضخه في الإعلام.. والتجربة السورية خير برهان خاصة حين كشفت الولايات المتحدة الأميركية ومعظم الدول المتورطة بالحرب الإرهابية على بلادي السورية بأنها قامت بما قامت به.. ناهيك عن الدور "الإسرائيلي" الرافض لإبرام الإتفاق النووي الإيراني والذي لا بدّ من البحث فيه .. وهنا لا نقصد "نظرية المؤامرة" علمياً نبحث في الأدوار والأسباب التي كانت فرصة لتنفيذ الأجندات المصلحية..
سماهر عبدو الخطيب
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً