أقلام الثبات
المعركة التي خاضتها حركة الجهاد الإسلامي وذراعها العسكري "سرايا القدس" في التصدي للعدوان الصهيوني البربري على قطاع غزة. اختارت بعناية ودقة "وحدة الساحات" شعاراً لها في مواجهة معركة اجتثاثها على حد زعم ثنائي العدوان لابيد – غانتس وما كان يُمنِّيان نفسيهما ومجتمع المستوطنين الصهاينة بها.
بعد ثلاثة أيام من المواجهة البطولية، ماذا حققت حركة الجهاد؟ . وهل خرجت من المعركة رابحة؟ . وهي أكثر تماسكاً، وقدرة على المواجهة؟، وما هي الدروس المستخلصة عند الحركة بعد المعركة؟ .
تلك الأسئلة بتقديري تمّت الإجابة عليها في سياق المواجهة الميدانية أولاً. وفي لحظة الإعلان عن وقفٍ لإطلاق النار ثانياً. وما جاء في المؤتمر الصحافي الذي عقده المجاهد زياد النخالة أمين عام حركة الجهاد، معلناً فيه التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار برعاية وضمانات مصرية ثالثاً. وأخيراً في المهرجانات التي نظمتها الحركة وبتوقيت متزامن ما بين غزة ولبنان وجنين ودمشق.
من دون العودة إلى الاستهداف الذي عملت عليه حكومة الاحتلال بأذرعها العسكرية والأمنية، من أجل النيل من حركة الجهاد العصية على الاحتواء وقبول الرشوات السياسية بحسب رأي قادة العدو الصهيوني. فإن ما حققته حركة الجهاد يمكن تلخيصه: أنّ الحركة وإن كانت جزءاً أصيلاً من حركتنا الوطنية، وأساسياً من مقاومتنا. إلاّ أنها وبعد معركة وحدة الساحات، ومراكمة حضورها في معركة سيف القدس، وتلك المواجهات التي تشهدها الضفة الغربية في مدن جنين ونابلس وغيرها. أصبحت رقماً صعباً في معادلة الصراع، حيث كرست الحركة بعداً إستراتيجياً له من خلال خوضها المعركة تحت شعار (وحدة الساحات). وأيضاً فصيلاً مقرراً في معادلة الصراع والرد على العدوانية المتمادية للكيان الصهيوني. وبالتالي أعطى الحركة زخماً جماهيرياً واسعاً على امتداد الساحات، من خلال الالتفاف والإسناد الذي شهدته التظاهرات والوقفات التضامنية والتغطية الإعلامية، ومن ثم الحضور الكثيف في مهرجانات قطاع غزة وجنين ولبنان وسوريا. وذاك الرقي والترفع إلى المستوى الهم والكل الوطني. أولاً، عندما أهدى المجاهد زياد النخالة أمين عام الحركة هذا الانتصار إلى الشعب الفلسطيني. وثانياً، عندما فوتَّ الفرصة وأسقط رهان الكيان في الإيقاع بين قوى المقاومة، وتحديداً بين الجهاد وحماس.
على الرغم من حجم التضحيات في عدد الشهداء والجرحى من أبناء شعبنا، وتحديداً الشهيدين القائدين تيسير الجعبري وخالد منصور، إلاّ الحركة بصمودها وثباتها وقدرتها على متابعة المواجهة، منذ بدء العدوان وحتى لحظة وقف النار، خرجت أكثر تماسكاً، بعد أن أسقطت كل أهداف العدوان. وأولها، القضاء على الحركة بعنوان سرايا القدس. وثانيها، الفصل فيما أسماه العدو الحرب على الإرهاب بين الضفة وغزة. وثالثها، كما أسلفنا الإيقاع بين حماس والجهاد. وما اللقاءات والاجتماعات والتصريحات والبيانات المشتركة إلاّ تأكيداً على أن العلاقة بين الحركتين أكبر من أن يتمكن العدو من دق الأسافين بين قوى المقاومة. ورابعها، خوض انتخابات "الكنيست" القادمة بالدماء الفلسطينية، وهذا ما ذهب إليه الإعلامي في الكيان الصهيوني "جدعون ليفي" بأنّ "العدوان لم يكن سوى عملية سياسية حزبية داخلية تتعلق بالتنافس الداخلي، كمثيلاتها في التاريخ". وبالتالي تفويت الفرصة على "يائير لبيد" أن يبني مجده الشخصي على حساب دماء شعبنا. وهذا ما ذهب إليه "جدعون ليفي"، حين قال: " الهدف من العملية كان إظهار رئيس الحكومة الانتقالي الجديد "يائير لبيد" على أنه بطل لأن الناس لا تأخذه على محمل الجد". وأضاف ليفي "وبما أنه لا يملك رصيداً عسكرياً في الجيش فهو بحاجة إلى إبراز بطولته، وليس هناك أفضل من قتل الفلسطينيين وشنّ الحرب على قطاع غزة لبلوغ ذلك".
من المؤكد أنّ قيادة الحركة ستعكف على تقييم مجريات المواجهة البطولية، وستخرج بخلاصات تأخذ بعين الاعتبار الثغرات والعثرات والأداء وكيفية تطويره بما يتناسب وحجم المخاطر والتحديات، طالما أنّ قادة الكيان وضعوا نصب أعينهم، وفي أولويات بنك أهدافهم تصفية الحركة، وهم لم يخفوا ذلك من خلال عدوانهم في الضفة " جز العشب" و " الفجر الكاذب" على قطاع غزة.
وختام الكلام، أستغرب ما كنا نسمعه من تصريحات، أو ما وردّ في البيانات، من أنّ العدو الصهيوني قد شنّ عدوانه من دون مبرر، بينما اعترفت وسائل إعلام عبرية أنّ الكيان خططّ للحرب على الجهاد منذ شهور من أجل منع بناء قوة تهددها وتربط بين غزة والضفة. والسؤال برسم أصحاب تلك التصريحات أو البيانات، فمتى كان العدو بحاجة لمبررات حتى يشن عدوانه؟ . فهو يعتدي علينا منذ ما قبل 73 عاماً ولا يزال، مرتكباً المحارق والمجازر بحق أبناء شعبنا، الذي هو في حالة الدفاع عن النفس، والقوانين الدولية منحته الحق في مقاومة محتليه الصهاينة.