مقالات مختارة
تزداد الضغوط المعيشية على البريطانيين والمقيمين في المملكة المتحدة، بمن فيهم المهاجرون، في ظل الارتفاع المتسارع لنسبة التضحم بما يفوق التوقعات، حيث ستصل لـ18,6 في المئة، لتكون النسبة الأعلى منذ سبعينيات القرن الماضي، حسب ما أكد عمدة بلدية لندن صادق خان.
وقال في تغريدة له على حسابه على منصة “تويتر” إن “التقاعس ليس خيارا ويجب أن تتحرك الحكومة بسرعة لتخفيف الضغط الهائل عن كاهل العائلات المتعثرة”.
وقد بلغت نسبة الارتفاع في شهر آب /أغسطس الحالي 10,15 % بعد أن كانت 9,4 % في شهر يونيو /حزيران الماضي، ومن المتوقع أن تبلغ في شهر كانون الثاني / يناير 2023 18,6 % وفقا لما أكده خبراء اقتصاديون نقلت تصريحاتهم قناة سكاي نيوز البريطانية ومن بينهم الخبير الاقتصادي بنيامين نابارو .
تأتي هذه التحذيرات في ظل الارتفاع المتزايد لأسعار الطاقة حيث ستبلغ فواتيرها لكل منزل 4650 باوندا على أساس سنوي بحلول شهر كانون الثاني / يناير2023 ، وهذا يعني أن ملايين البريطانيين سيعانون مما يسمى “الفقر الطاقوي”، عندما تستهلك فواتيرها أكثر من عشرة في المئة من الدخل السنوي المقدر بمعدل وسطي يصل إلى قرابة 30 ألف باوند سنويا.
وفي هذه المسألة تتجه أصابع الاتهام إلى شركات الطاقة التي يقول البعض إنها حصلت على أرباح ضخمة بفعل رفع أسعارها. وخرجت أصوات تدعو البريطانيين إلى الامتناع عن دفع فواتير الطاقة لتلك الشركات، وارتفعت مطالبات للحكومة، بإجبار تلك الشركات على دفع ضرائب من أرباحها الكبيرة لتخفيف الأعباء عن دافع الضرائب في بريطانيا .
وأدى تسارع نسبة التضخم وارتفاع أسعار الطاقة إلى تآكل القدرة الشرائية للملايين، ويظهر ذلك بجلاء في تزايد الإقبال على بنوك الطعام لطلب المساعدة، وفي الإقبال أيضا على الأسواق الشعبية للبحث عن مواد غذائية أساسية رخيصة الثمن. ويلجأ البعض إلى اختصار وجبة غذائية واحدة يوميا من الوجبات الثلاث للتكيف مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى ضعف ما كانت عليه سابقا .
من شأن كل ذلك الضغط الاقتصادي أن يؤدي بالملايين من أبناء الطبقة الوسطى إلى أن يصبحوا من بين الطبقة الفقيرة بفعل الغلاء وثبات الأجور وزيادة التضخم إلى تسعة أضعاف، وهو ما كان يخشاه بنك إنكلترا المركزي .
ووسط كل ذلك، تواجه الحكومة البريطانية ضغوطا متزايدة على شكل إضرابات تنفذها قطاعات عمالية بينها قطاع النقل من أجل زيادة الأجور، لكن الحكومة ترفض ذلك، وتقول إن تلك الزيادات ستؤدي إلى مزيد من الإنفاق الحكومي، وستساهم بالتالي في زيادة نسبة التضخم .
وتعود أسباب ارتفاع التضخم والأسعار إلى جملة عوامل بينها الحرب الروسية على أوكرانيا التي أدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة عالميا، وزيادة الطلب عليها بعد الحظر الأمريكي والأوروبي على روسيا . كما أدى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى رفع نسبة التضخم بنسبة 2 %، ثم جاءت جائحة كورونا لتصيب الاقتصاد البريطاني بخسائر كبيرة، بفعل عمليات الإغلاق وتراجع الأعمال التجارية .
محمد نون ـ القدس العربي
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً