مقالات مختارة
"أنا ممتن للرئيس (ميشال) عون على دعوته الى هذا الاجتماع في حضور الرؤساء الثلاثة، وتشرفت بذلك لمناقشة هذه المسألة المهمة جداً مع ممثلي الحكومة اللبنانية، وابقى متفائلاً في مواصلة التقدم الذي حصل في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية خلال الاسابيع المنصرمة، وانتظر عودتي مجدداً وقريباً الى المنطقة للانتهاء من هذا الملف والوصول الى نتيجة".
إكتفى الوسيط الاميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية آموس هوكشتاين، بهذا التصريح المقتضب، بإلحاح من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بعد إنتهاء إجتماع هو الأول من نوعه في قصر بعبدا، ضم إلى هوكشتاين وميقاتي؛ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ومدير عام القصر الجمهوري أنطوان شقير ومستشار رئيس مجلس النواب علي حمدان عن الجانب اللبناني، بالإضافة إلى السفيرة الأميركية دوروثي شيا وعدد من مساعدي هوكشتاين.
وبطبيعة الحال، يخفي تصريح “الوسيط” الأميركي في طيات كلماته وسطوره المعدودة الكثير من الرسائل وابرزها إرادة التوصل الى اتفاق، خلافاً للاسلوب الذي اعتمد سابقاً لجهة المماطلة واستهلاك الوقت لمصلحة اسرائيل.
لم يحمل هوكشتاين افكارا او طروحات اميركية جديدة، ملتزماً بالنصيحة التي سبق واسداها الموفد الاميركي الأسبق السفير ديفيد هيل الى الجانب اللبناني، ومفادها “اذا اردتم لنا أن نلعب دور المسهّل.. عليكم عدم الطلب منا لعب دور الوسيط لان ذلك يعني تقديمنا مقترحات لخطوط بحرية، بينما يكتفي المُسهّل بتقريب وجهات النظر، لذا، عليكم الاتفاق على الخط في المفاوضات غير المباشرة وما تتفقون عليه مع الاسرائيلي نحن نوافق عليه”!
نقل هوكشتاين الى المسؤولين اللبنانيين الجواب الاسرائيلي على المقترح اللبناني وهو “نحن نوافق على التنازل عن مساحة 860 كلم2 للبنان (أي المساحة بين خط فريدريك هوف والخط 23) ونتنازل عن حصتنا من مساحة حقل قانا، وعلى الجانب اللبناني ان يقابلنا بخطوة مماثلة بالتنازل عن مساحة محددة شمال الخط 23، أي جزء من البلوك رقم 8”.
بعد نقل الجواب الاسرائيلي، اسهب هوكشتاين في الحديث عن الوضع الداخلي الاسرائيلي، وحساسية ان تُقدم الحكومة الاسرائيلية التي تُصرّف الاعمال على الذهاب الى اتفاق ترسيم مع لبنان تحت الضغط من قبل الجانب اللبناني، كون ذلك يُحرج الاحزاب في هذه الحكومة التي تُعد العدة لخوض انتخابات نيابية مبكرة في الخريف المقبل، وهي الخامسة في خلال سنتين، الامر الذي يحتاج الى تهدئة من الجانب اللبناني، وقال إنه “كلما صعّد حزب الله الموقف عبر المسيرات والتحركات العسكرية، كلما ازداد الامر صعوبة بالنسبة للحكومة الاسرائيلية”، كما ان الترسيم يحتاج إلى ضمانات امنية، بعدم التصعيد مستقبلا، “لان ارتفاع منسوب المخاطر الامنية يؤثر على عمل الشركات التي تعمل في الحقول الاسرائيلية (فلسطين المحتلة)، لذلك؛ يحتاج الامر من اسبوع الى اسبوعين للعودة بالجواب النهائي”، ملمحا الى ان الامر يحتاج الى اخراج معين لتسهيل التنازل الاسرائيلي.
هذه المعطيات سبق وطرحها هوكشتاين في اللقاءات التي عقدها أمس (الأحد) مع كل من مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم، وزير الطاقة وليد فياض، نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، قائد الجيش العماد جوزف عون وصولاً إلى العشاء الذي أقامه ميقاتي على شرفه بحضور بوصعب واللواء ابراهيم، كما وضعها أمام وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب قبل أن يغادر بيروت بعد ظهر اليوم (الإثنين).
نقل هوكشتاين الى المسؤولين اللبنانيين الجواب الاسرائيلي على المقترح اللبناني وهو “نحن نوافق على التنازل عن مساحة 860 كلم2 للبنان (أي المساحة بين خط فريدريك هوف والخط 23) ونتنازل عن حصتنا من مساحة حقل قانا، وعلى الجانب اللبناني ان يقابلنا بخطوة مماثلة بالتنازل عن مساحة محددة شمال الخط 23 أي جزء من البلوك رقم 8”
هذه المعطيات نقلها مسؤول لبناني بارز، ليل أمس (الأحد) إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي عمد في اطلالته العاشورائية الى فتح الباب امام السلطة السياسية لمحاولة التوصل الى حل والاستفادة من “توازن الردع وتوازن الحقوق” الذي كرّسته المقاومة، خصوصا بعد جولة نهارية على دفعتين نفذتهما المقاومة، الاولى تمثلت في الفيديو الذي نشره الاعلام الحربي عن الاحداثيات للمنصات النفطية والسفن، والثانية عبر العرض المنظّم بالقمصان السود عند الحدود مع فلسطين المحتلة، وكلاهما زادا منسوب التوتر عند الجانب الاسرائيلي.
وانطلاقا من العوامل الايجابية التي تصب لمصلحة لبنان والالحاح الأميركي على التوصل الى اتفاق سريع لترسيم الحدود لحسابات طاقوية دولية ربطاً بحرب أوكرانيا وبدائل الغاز الروسي المطروحة، جدد لبنان موقفه الرسمي الموحد الذي ابلغه الى هوكشتاين ويتضمن الثوابت واللاءات الآتية:
أولاً؛ لا تنازل لبنانياً عن الخط 23 زائداً حقل قانا كاملاً، وعلى اسرائيل عدم انتظار ان يتنازل لبنان عن رقعة شمال الخط 23 مقابل تخلي اسرائيلي عن جزء من قانا، لان هذا اقصى ما يمكن ان يتنازل عنه لبنان.
ثانياً؛ لبنان يرفض العودة الى طروحات قديمة – جديدة حول الاستثمار المشترك للحقول المسماة “متنازع عليها”، ولبنان يريد السيادة التامة على حقوله ضمن الخط 23 وقانا.
ثالثاً؛ لا للتنقيب المشترك، وتحديدا لجهة ما طرح بأن تتولى شركة “توتال” الفرنسية التنقيب في حقل قانا وحقل 8 من الجانب اللبناني وشركة “شيفرون” الاميركية من الجهة الاسرائيلية، “فإما قانا والبلوك 8 كاملاً او لا ترسيم حدودياً”.
رابعاً؛ لا لتقاسم الارباح في أي من الحقول المشتركة، لبنان لا يريد تطبيعا تحت مسمى تقاسم عائدات، ويؤكد على ان الاستثمار والانتاج من جانبه يجب أن يكون مستقلاً عن أي شراكة وتحت أي مسمى.
علم أن حكومة تصريف الاعمال، وتحت عنوان الضرورة، ستنعقد برئاسة رئيس الجمهورية، فور تبلغها الجواب الإسرائيلي عبر الأميركيين، من أجل تعديل المرسوم 6433 عبر ادخال حقل قانا كاملا الى الحدود البحرية اللبنانية على أن يُودع المرسوم معدلاً مع الخرائط والاحداثيات لدى الامم المتحدة
خامساً؛ لا التزام من قبل لبنان بتقديم أي ضمانات او تعهدات، قبل الالتزام الاسرائيلي والدولي بالتنقيب سريعاً في البلوكات اللبنانية بهدف الإستكشاف والتنقيب والاستخراج والإستثمار والبيع، وبالتالي فإن عدم تمكين لبنان من الاستفادة الكاملة من حقوقه ووضع عراقيل لاحقا امامه يعني العودة مجدداً الى نقطة الصفر.
سادساً؛ كل ما يريده لبنان هو الحصول على حقوقه السيادية في مياهه وثروته النفطية والغازية وهو ليس في موقع التصعيد والتوتير ولم يكن يوماً في موقع الاعتداء انما في وضعية المعتدى عليه، ولبنان من الساعين الى الحفاظ على الامن والهدوء على طول الحدود الجنوبية، والمشكلة عند الاسرائيلي الذي لا يمر يوم من دون انتهاك للسيادة اللبنانية برا وبحرا وجوا.
بعد سماع هوكشتاين الجواب اللبناني، اشار الى انه سيُعد تصورا يتضمن الموقفين اللبناني والاسرائيلي، وانه سيطرح على الجانب الاسرائيلي ما سمعه من لبنان واذا كان الجواب ايجابيا تنعقد المفاوضات غير المباشرة مجددا في الناقوره لوضع كل الاحداثيات والخرائط ويكرّس الاتفاق على ترسيم الحدود.
وعلم أن حكومة تصريف الاعمال، وتحت عنوان الضرورة، ستنعقد برئاسة رئيس الجمهورية، فور تبلغها الجواب الإسرائيلي عبر الأميركيين، من أجل تعديل المرسوم 6433 عبر ادخال حقل قانا كاملا الى الحدود البحرية اللبنانية على أن يُودع المرسوم معدلاً مع الخرائط والاحداثيات لدى الامم المتحدة.
يذكر أن نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب هو من تولى الترجمة بين الجانبين في الإجتماع بذريعة غياب المترجمة الرسمية عن الجانب اللبناني!
داود رمال ـ 180Post
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً