جولة بايدن اللبنانية ـ عدنان الساحلي

الجمعة 22 تموز , 2022 12:22 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

غادر الرئيس الأميركي جو بايدن المنطقة، بعد جولة تضاربت فيها التحليلات، بين نجاحه في تحقيق أهداف زيارته فلسطين المحتلة والمملكة السعودية، أو فشله فيها، لكن لبنان الذي له في كل عرس قرص، سرعان ما حشر أنفه في تفاصيل هذا الحدث الدولي-الإقليمي، فإذ بقضية التطبيع مع العدو "الإسرائيلي"، التي شكلت الهدف الثاني لجولة الرئيس الأميركي، بعد مطلبه بزيادة ضخ النفط الخليجي ووقف إرتفاع اسعاره عالمياً، تبرز باعتبارها قضية لبنانية، تستقتل بعض القوى لفرضها على اللبنانيين ولو من خلال جبّة مطران، تعوّد على خرق القوانين ودخول "أرض العدو" واستغلال موقعه الديني، في القيام بما يمكن اعتباره تقديم خدمات للعدو وتطبيع العلاقات معه، بما يتناقض مع الموقف الرسمي والشعبي اللبناني المعتمد حتى الآن.

نجاح الرئيس الأميركي عربياً موضع أخذ ورد. لكن نجاحه لبنانياً لا يحتاج إلى تأكيد. فما جرى مع الوكيل البطريركي المطران موسى الحاج، كشف إصرار البطريركية المارونية على فرض التطبيع مع العدو "الإسرائيلي" بقوة النفوذ الديني، بعد فشل البطريرك بشارة الراعي في فرض مشروعه لحياد لبنان، في الصراع مع "إسرائيل".

وسيرة البطريركية المارونية في علاقاتها القديمة مع الحركة الصهيونية، التي يحفل بها أرشيف ما قبل وما بعد تأسيس الكيان "الإسرائيلي" اللاشرعي، جرى توكيدها علناً في فترات سابقة، لعل تجنب التذكير بها أفضل منعاً لنكىء الجراح. لكن هذا الجيل من اللبنانيين لا ينسى  إرسال بكركي أسقف صور الماروني، المطران مارون صادر، لترؤس جنازة عقل هاشم، العميل الرقم إثنين في "جيش لبنان الجنوبي" (الميليشيا العميلة ل"إسرائيل")، الذي صفته المقاومة في 30 كانون الثاني عام 2000، بعد أن إرتكب جرائم ومجازر بحق اللبنانيين؛ وقدم خدمات كبيرة لقوات العدو، التي كانت تحتل أجزاء واسعة من لبنان.

وجاءت قضية المطران موسى الحاج، منذ ايام، لتحيي كل تلك الجراح والطعنات؛ ولتختصر سعي بعض الجهات لفرض إقامة علاقات مع العدو "الإسرائيلي"، تتخطى عدوانيته وإجرامه بحق اللبنانيين والفلسطينيين والعرب؛ وسلسلة الحروب العدوانية التي شنها بدءاً من إغتصابه فلسطين وتشريده أهلها واحتلاله أراض عربية، بما فيها أراض لبنانية. وسعيه الحالي لتحقيق أطماعه في الأرض والمياه اللبنانية، بما تحويه من ثروات من النفط والغاز.

ولم يكن يكفي لبنان الشلل الذي يعانيه بفعل الأزمات المتفاقمة، مع تحلل مؤسسات الدولة، الغائبة عن معالجة مشاكل اللبنانيين وأوجاعهم، حيث تغيب السلطة تماماً عن أي معالجات للملفات المعيشية والإقتصادية والمالية وحتى السياسية، حتى جاء هذا الكباش الطائفي المقيت، الذي يذكر اللبنانيين بضرورة الإنتفاض والتخلص من هذا النظام الطائفي، الذي يثير الفتن بينهم ويستثمرها، فيما هم بحاجة إلى حكم يعاملهم كمواطنين أصحاب حقوق ورأي وموقف يجب إحترامه؛ وليس مجرد مستهلكين للسلع التجارية والسياسية، التي يتاجر بها أهل السلطة من زعماء الطوائف واصحاب المصارف.

صحيح أن دعاة التطبيع مع العدو يستقوون بالموقف العربي الرسمي، الراكع أمام العدو والزاحف لإرضائه، لكن الأنظمة العربية المطبعة، معروفة بتبعيتها لدول الإستعمار القديم ودول الهيمنة الجديدة، التي نصبتها بالقوة على شعوبها. والتطبيع مع العدو جزء من الثمن الذي تدفعه تلك الأنظمة والعائلات الحاكمة فيها، لقاء وجودها في السلطة. في حين أن تحريك العصب الطائفي في لبنان وتوسع الخلاف حول قضية التعامل مع العدو، تهدد النظام في لبنان وربما الكيان من أساسه، فهل الإصرار على فرض خيارات بكركي هو مصلحة لبنانية، أم لعب بالنار، خصوصاً مع إصرار بعض الأصوات على إعتبار ما يقوم به المطران الحاج "خدمات إنسانية" وليس خرقاً لقانون مقاطعة العدو "الإسرائيلي". علماً أن سكان الجنوب اللبناني يتذكرون أن معظم العملاء الذين خدموا العدو المحتل، كانوا يدعون أن تعاملهم هو فرصة ليوفروا "خدمات إنسانية" لأهاليهم. علماً أن نقل الأموال من وإلى فلسطين المحتلة، ليس خدمات إنسانية، خصوصاً بعدما تبين أن بعض تلك الأموال هي من عملاء ولعملاء يستخدمهم العدو في لبنان.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل