أقلام الثبات
تعقد مجموعة بريكس اجتماعاتها بنهاية هذا الاسبوع أي في 24 حزيران / يونيو، وستترأس الصين الاجتماعات التي ستعقد افتراضياً للسنة الثالثة على التوالي. من أبرز المواضيع التي ستناقشها القمة هي التداعيات الاقتصادية للصراع الروسي الأوكراني، والآليات المالية للتعامل مع العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، واستخدام العملات الوطنية للدول الأعضاء في البريكس، وإنشاء وكالة تصنيف مستقلة للبريكس.
وفي الاجتماع التحضيري، الذي حضرته دول عدّة من حارج المجموعة (الأرجنتين وإندونيسيا، ومصر وكازاخستان ونيجيريا والمملكة العربية السعودية والسنغال وتايلاند والإمارات العربية المتحدة)، دعا الرئيسي الصيني الأعضاء للتركيز على إرسال رسالة قوية حول ضرورة احترام المصالح والهواجس الأساسية للدول كافة، واحترام سيادة كل طرف ومصالحه الأمنية والتنموية، ومعارضة سياسة الهيمنة وسياسة القوة في العلاقات الدولية.
هذه السنة، يشجع كل من روسيا والصين أن ينتقل البريكس لأن يكون إطاراً دولياً واسعاً وليس نادياً مغلقاَ. وكانت فكرة توسيع البريكس وإنشاء ما يسمى "بريكس بلاس" قد نشأت في العام 2017، لكن مجيء دونالد ترامب الى الحكم في الولايات المتحدة بأجندة واضحة وهي تفكيك الأحلاف التي نشأت ضد بلاده خلال فترتي أوباما، بالاضافة الى جائحة كورونا، فرملت تلك الاندفاعة.
اليوم، وبعد التطورات العالمية، خصوصاً بعد الحرب الاوكرانية، يبدو أن كل من الصين وروسيا، راغبتان في التوسيع، بينما تسير الهند بحذر في هذه الخطوة. يتحدث الصينيون عن دعوة الدول التي تحمل نفس التفكير، بينما يشترط الروس أن تكون الدول المرشحة للدخول رافضة للعقوبات الغربية على روسيا. وعلى هذا الأساس، ومن ضمن الدول المرشحة للإنضمام، يبدو أن السعودية والارجنتين ستكونان الدولتان الأكثر احتمالاً للانضمام لمجموعة البريكس هذا العام، وأولى الدول التي ستدشن عصر "بريكس بلاس".
ماذا يعني انضمام السعودية الى "بريكس بلاس"؟
لا شكّ أن السعودية، ومنذ الحرب الاوكرانية قد اتخذت العديد من القرارات التي تميّزها عن الولايات المتحدة الاميركية، وخصوصاً رفض الدعوة الأميركية لزيادة انتاج النفط لتهدئة الأسواق ولجم ارتفاع الأسعار على أثر العقوبات الغربية على روسيا.
وكانت السعودية قد عانت الكثير من سياسات الولايات المتحدة، وخصوصاً في فترتي اوباما، حين دعم الأميركيون الربيع العربي على حساب حلفاء السعودية، وتفاجأ السعوديون بانكشاف الاجتماعات السرية الأميركية الإيرانية في سلطنة عمان منذ 2013، ثم توقيع الاتفاق النووي مع إيران عام 2015 من دون أخذ هواجس السعودية بعين الاعتبار.
لا شكّ أن وصول ترامب الى البيت الأبيض، وتواصله الجيد مع ولي العهد السعودي، بدد الكثير من التوتر السابق في العلاقة بين البلدين، ولكن خسارة ترامب ومجيء بايدن الذي هدد بأنه سيجعل السعودية دولة معزولة، وانه سيحاسب على مقتل خاشقجي وغير ذلك من التصريحات وآخرها أنه ذاهب الى السعودية وليس ليقابل ولي العهد محمد بن سلمان... كلها تصريحات، تجعل من الصعب عودة العلاقات الأميركية السعودية الى سابق عهدها، أقلّه في فترة بايدن.
إن انضمام السعودية الى مجموعة "بريكس بلاس"، سيكون تحوّلاّ هاماً في السياسة الخارجية السعودية، وخصوصاً في حال تمّ الاتفاق على التبادل بواسطة العملات المحلية لدول البريكس، ما يعني أن النفط السعودي سيباع مقابل اليوان الصيني، وهو ما سيضرب قوة الدولار في الأسواق العالمية.
بالنتيجة، لقد انخرط الغرب في استراتيجية هجومية بقيادة الولايات المتحدة منذ مجيء بايدن الى البيت الأبيض. الهدف: إعادة الهيمنة الأميركية المطلقة، وتفوّق الغرب بقيادة الولايات المتحدة. هذه الاستراتيجية، وبالرغم من أن الغرب توحد خلف الولايات المتحدة لتطبيقها، إلا أنها – لغاية الآن- لا يبدو أنها تسير وفق الخطة المرسومة، بتأديب المتمردين (روسيا والصين). فكيف يمكن للغرب أن يكون قادراً على تركيع روسيا (كما أعلن العديد من القادة الاوروبيين) ويحتوي الصين ويضعفها، وهو يفقد الحلفاء من خارج الكتلة الغربية؟