مقالات مختارة
حكمت غرفة الاستئناف في المحكمة الخاصة بلبنان بالإجماع على حسن مرعي وحسين عنيسي بالسجن المؤبد في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وأعلَنت الغرفة أن الجرائم التي أُدينَ بها مرعي وعنيسي “بالغة الخطورة وأن ظروفًا مشددة أوردها الادعاء في قرار الاتهام أُثبتَت على نحو لا يشوبه شك معقول. وفي ضوء كل الوقائع والظروف الخاصة بالقضية، فرضت غرفة الاستئناف بالإجماع على مرعي وعنيسي عقوبة السجن المؤبد، وهي أشد العقوبات المنصوص عليها في النظام الأساسي والقواعد، وذلك عن كل جريمة من الجرائم الخمس التي أُدينا بها، وقررت أن تُنفَّذ العقوبات في الوقت ذاته”.
والغرفة نفسها كانت قد قررت في 29 آذار 2021، “أن جهة الدفاع عن سليم عياش لا تتمتع بالصفة القانونية اللازمة لاستئناف حكم إدانته غيابيًا”، لتنفرد بنفسها في قلب الوقائع وتنسف أسس العدالة الدولية وقواعد عمل المحكمة الخاصة بلبنان.
الحكم المتوقع، خالف حكم غرفة الدرجة الأولى لدى المحكمة التي كانت قد أصدرته في 18 آب 2020، بعد نحو خمس سنوات من المحاكمات والاستماع الى الشهود والتدقيق بالأدلة المقدمة من الإدعاء ومراجعة الأدلة مع خبراء، وقرّرت بالإجماع أنّ سليم جميل عياش مذنب على نحو لا يشوبه أي شك معقول، وأن حسن حبيب مرعي، وحسين حسن عنيسي، وأسد حسن صبرا غير مذنبين فيما يتعلق بجميع التهم المسندة إليهم في قرار الاتهام. وفي 11 كانو ن الأول 2020، أعلن القضاة حكم العقوبة وحكموا بالإجماع على السيد عياش بخمس عقوبات سَجن مؤبد تُنفّذ في الوقت نفسه.
من نصدق القاضي إذن:الأسترالي دايفيد راي وزميلته القاضية اللبنانية ميشلين بريدي، أم القاضي رالف رياشي؟
هل نصدق قضاة غرفة الدرجة الأولى الذين استمعوا الى 297 شاهدا وقرأوا 3131 بيّنة واطلعوا على 5265 مستندا وأصدروا 1556 قرارا ،وذلك في نحو خمس سنوات من العمل الدؤوب، أم نصدق قضاة غرفة الاستئناف الذين أصدروا وبسرعة قياسية، وفي غضون أشهر من تاريخ استئناف المدعي العام ومن دون الاستماع الى شهود أو استلام مستندات أو أدلة جديدة، حكماً هو أقرب للسياسة من القانون؟
من نصدق؟
القاضي الأسترالي دايفد راي ورفاقه الذين حاججوا الى أبعد حدود فرق الدفاع، أم نائب رئيس المحكمة رياشي ورئيسة المحكمة اللذين لم يتمكنا، قصداً أم بغير قصد، من توفير أبسط شروط التكافؤ بين فريقي الإدعاء والدفاع ،فسهلا للإدعاء كافة عملياته فيما حاصرا بحجج واهية فرق الدفاع ولم يقوما بدورما في التأكد من التوازن وحسن سير العدالة؟
من نصدق؟
القاضي راي المعروف بسجله ورصانته، أم رياشي الذي وصفه النائب جميل السيد ب”السافل” في احدى تغريداته اذ كتب: “في وثائق ويكيليكس، أن وزير العدل شارل رزق زار السفير فيلتمان لمنع الإفراج عن اللواء جميل السيد وعارضاً تنحية المحقق العدلي الياس عيد الذي لم يعُد مقتنعاً بتوقيفه، ثم جرت تنحية عيد بقرار من القضاة السفلة ميرزا ورالف الرياشي”!!
بالإضافة الى ما ذكرته عدة وسائل اعلام وصحف، نقلا عن وثائق ويكيلكس، من أن رياشي زار السفير الأميركي فيلتمان ليستجدي دعما من أجل تعيينه في المحكمة… ؟
خالفت غرفة الاستئناف مبادئ القوانين الدولية وشكل قرارها عيباً دولياً وإهانة للقضاة انفسهم، إذ أنهم انجروا خلف رياشي في حكم يكاد يكون استكمالا للنزاع والخلاف الشخصي الذي استمر بين الأخير وبين القاضي راي طوال فترة زمالتهما في المحكمة؟
خالفت الغرفة قواعد عمل المحكمة، وتصدت للقضية (للمضمون) دون ابلاغ أو الاستماع الى المدعي العام وفرق الدفاع، في حين أن واجباتها هي في التصدي للجوانب القانونية قبل كل شيء.
انهى رياشي مستقبله المهني، بمهزلة قضائية وقانونية، لكنه مزهو بنفسه، فهو التزم موجبات وشروط تعيينه وكان وفياً للجهات التي قررت انشاء المحكمة السياسية.
ومن معجزات هذه القضية أن حكماً صدر عن غرفة الاستئناف، بعد أن كانت المحكمة أعلنت انتهاء أعمالها، لعدم وجود أموال كافية، وبدل من تخصيص ما تبقى من أموال لمتابعة القضايا المتلازمة، صرفت الأموال على حكم فارغ استند الى فرضيات، ليدين بالسياسة ما عجز عنه بالقانون.
حكمت عبيد | الحوار نيوز
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً