المجلس الدستوري اعتبر قانون 1996 مخلاً بالدستور بسبب تقسيم الدوائر
أقلام الثبات
لم تحمل انتخابات 2022 تراجعاً في نسبة المشاركة عن 2018 وحسب، بل تراجعاً أيضاً في نسبة الحواصل في الدوائر الانتخابية الـ15، وكرس عدم تطبيق الدستور الذي يؤكد على مساواة اللبنانيين في الحقوق والواجبات، سواء من خلال تقسيم الدوائر الانتخابية التي ينتخب فيها الناخب، ففي دائرة ما، هناك خمسة نواب، وفي أخرى 13 نائباً، وفي ثالثة 11 نائباً، ورابعة عشرة نواب، وهلم جرا، علماً أنه سبق للمجلس الدستوري في انتخابات عام 1996، أن طعن بذلك، حيث حدد أن تقسيم الدوائر الانتخابية يفضي إلى تمييز بين المناطق والناخبين فقال: "لما كانت المادة الثانية الجديدة من المادة الأولى من القانون موضوع هذه المراجعة ميزت بين الدوائر الانتخابية بأن جعلت كل من محافظات بيروت والشمال والبقاع دائرة انتخابية واحدة ومن محافظتي الجنوب والنبطية دائرة انتخابية واحدة ومن أقضية محافظة جبل لبنان، كل واحد منها دائرة انتخابية واحدة مستقلة.
وحيث أن التفريق في تقسيم الدوائر الانتخابية بين محافظة ومحافظتين وأقضية يفضي إلى إيجاد تمييز بين المناطق وبالتالي إلى عدم المساواة فيما بينها كما أنه يؤدي أيضاً إلى عدم المساواة بين المواطنين مقترعين أو مرشحين، حيث يمكن لناخب في محافظة الشمال مثلاً الاقتراع لثمانية وعشرين مرشحاً بينما لا يجوز لسواه في دائرة جبيل الانتخابية الاقتراع إلا لثلاثة مرشحين فقط.
وكيف يمكن أن تكون مساواة في لبنان بين مواطن وآخر أن يستطيع المرشح في دائرة جبيل أن يفوز بالنيابة بعشرة آلاف صوت ويضحى نائباً عن الأمة جمعاء وفقاً للمادة 27 من الدستور ولا يفوز المرشح في دائرة الشمال الانتخابية حتى ولو نال مئة ألف صوت.
إن القانون موضوع الطعن في هذه المراجعة يؤدي إلى التمييز وعدم المساواة بين المواطنين وهو بالتالي مخالف للدستور والمعاهدات التي التزمنا بها في الدستور".
إذاً، في قانون الانتخاب الحالي، كما في القوانين السابقة إخلال بالدستور وبحق المواطنين وبحق المناطق اللبنانية، ترجم مرة جديدة في انتخابات 2022، بخلل فاضح، من حيث نسبة الحاصل في كل دائرة من الدوائر الـ15، وفي نجاح مرشحين نالوا أقل من ألف صوت و 500 صوت، وأقل من مئة صوت، نذكر منهم:
شربل سعد، فاز عن دائرة صيدا ـ جزين بـ 948 صوتاً.
غسان سكاف، فاز عن دائرة البقاع الغربي ـ راشيا بـ 776 صوتاً.
سينتيا زرازير، فازت عن دائرة بيروت الأولى بـ 486 صوتاً.
أحمد رستم، فاز عن دائرة عكار بـ 324 صوتاً.
وجميل عبود، فاز عن دائرة طرابلس بـ 79 صوتاً فقط.
أما الفوارق في الحاصل بين دائرة وأخرى فمن شأنه أن يظهر الخلل الفاضح في مساواة المواطنين في الحقوق والواجبات وبين المناطق، وهو كان على النحو الآتي:
دائرة بيروت الأولى: 5837 صوتاً.
دائرة بيروت الثانية: 13533 صوتاً.
دائرة الشمال الأولى (عكار): 21232 صوتاً.
دائرة الشمال الثانية (طرابلس): 13149 صوتاً.
دائرة الشمال الثالثة (البترون، الكورة، رغرتا، بشري): 12231 صوتاً.
دائرة البقاع الأولى (زحلة): 13241 صوتاً.
دائرة البقاع الثانية (البقاع الغربي ـ رشيا) 11024 صوتاً.
دائرة البقاع الثالثة: 20 الفاً.
جبل لبنان الأولى (كسروان ـ جبيل): 14797 صوتاً.
جبل لبنان الثانية (المتن الشمالي): 11643 صوتاً.
جبل لبنان الثالثة (بعبدا) 14121 صوتاً.
جبل لبنان الرابعة (الشوف ـ عالية): 13844 صوتاً.
الجنوب الأولى (صيدا ـ جزين): 12258 صوتاً.
الجنوب الثانية (الزهراني ـ صور): 23297 صوتاً.
الجنوب الثالثة (النبطية ـ بنت جبيل ـ مرجعيون ـ حاصبيا): 22 ألف صوتاً.
هذا الخلل الفاضح يترجم أيضاً من حيث حجم الأصوات التي نالها كل طرف، ففيما نال تحالف "الأمل والوفاء" أكبر كتلة شعبية ناخبة تجاوزت نصف مليون ناخب لم تصل أي كتلة بعدها مهما كبر حجمها إلى نصفها، علماً أن اعتراضاً شعبياً واضحاً كان على هذه الانتخابات ترجم بأوراق بيضاء، بلغ 19 ألف و308 أوراق، وبأوراق ملغاة بلغ عددها 57 ألف و700 ورقة، أي ما مجموعه 77 ألف و8 أوراق.
وهذا ما لنا إليه عودة في حجم الكتل وما نالته من أصوات.