مقالات مختارة
في مثل هذا اليوم ،30 آذار من كلِ سنة ،يحيي الفلسطينيون والعرب “يوم الأرض الفلسطيني”، وهو يوم تَعود أحداثه الى شهر آذار 1976 بعد أن قامت السّلطات الصهيونية بمصادرة آلاف الدّونمات من الأراضي ذات الملكيّة الخاصّة أو المشاع في نطاق حدود مناطق ذات أغلبيّة سكانيّة فلسطينيّة، وقد عم اضراب عام ومسيرات من الجليل إلى النقب ، وأندلعت مواجهات أسفرت عن استشهاد ستة فلسطينيين وأُصيب واعتقل المئات.
ويعتبر يوم الأرض حدثاً محورياً في الصراع على الأرض وفي علاقة المواطنين العرب بالجسم السياسي الصهيوني، بحيث أن هذه هي المرة الأولى التي يُنظم فيها العرب في فلسطين منذ عام 1948 احتجاجات منظمة رداً على السياسات الصهيونية بصفة جماعية وطنية فلسطينية .
فما هي القصة الكاملة لهذا اليوم؟
قبل قيام دولة إسرائيل كان عرب فلسطين شعبًا مزارعًا بالمجمل، حيث أن 85٪ كانوا يحصلون على عيشهم من الأرض. بعد نزوح الفلسطينيين نتيجة حرب النكبة عام 1948، بقيت الأرض تلعب دورًا هامًا في حياة ما يقارب 156,000 من العرب الفلسطينيين الذين بقوا داخل ما أصبح “دولة إسرائيل”، وبقيت الأرض مصدرًا هامًا لانتماء الفلسطينيين العرب اليها.
ينص قانون الأراضي البور في الدولة العبرية على أن ” كلّ أرض لم يفلحها أصحابها لأكثر من عام يحقّ لإسرائيل مصادرتها وتوزيعها على جهات أخرى تتعهد رعايتها. وكنت “إسرائيل” قد منعت العرب بفعل الحكم العسكري من دخول أراضيهم الزراعية لمدة تزيد عن عام وصادرتها. وبموجب قانون أملاك الغائبين (1950)، الذي أعطى العرب الباقين في فلسطين صفة الحاضر ومنحهم جنسيات إسرائيلية ،فإنه منعهم من دخول أراضيهم فتحوّلت الأراضي إلى بور.
تبنت الحكومة الإسرائيلية في عام 1950 قانون العودة لتسهيل الهجرة اليهودية إلى إسرائيل واستيعاب اللاجئين اليهود. وفي المقابل سنت قانون أملاك الغائبين الإسرائيلي الذي قام على نحو فعال بمصادرة الأراضي التابعة لللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا أو طردوا من المنطقة التي أصبحت إسرائيلية في عام 1948 ،وكان يستخدم أيضا لمصادرة أراضي المواطنين العرب الموجودة داخل الدولة، بعد تصنيفها في القانون على أنها “أملاك غائبة” ،وكان يبلغ عدد “الغائبين الحاضرين” أو الفلسطينيين المشردين في الداخل نحو 20٪ من مجموع السكان العرب الفلسطينيين في إسرائيل. ويقدر سلمان أبو ستة أن بين عامي 1948 و2003 أكثر من 1,000 كيلومتر مربع من الأراضي صودرت من المواطنين العرب .
احتجاج عام 1976
رافق قرار الحكومة بمصادرة الأراضي إعلان حظر التجول على قرى سخنين ، عرابة ، دير حنا، طرعان، طمرة ، وكابول، من الساعة الخامسة مساء يوم 29 مارس 1976 . عقب ذلك دعا القادة العرب من الحزب الشيوعي الإسرائيلي، مثل توفيق زياد والذي شغل أيضا منصب رئيس بلدية الناصرة،إلى يوم من الاضرابات العامة والاحتجاجات ضد مصادرة الأراضي والتي ستنظم يوم 30 آذار/مارس.
في 18 آذار اجتمع رؤساء المجالس المحلية العربية، وأعضاء من حزب العمل في شفا عمرو وصوتوا ضد دعم خروج التظاهرات، وعندما أصبح الخبر منتشراً خرجت تظاهرة خارج مبنى البلدية وقد فرقت بالغاز المسيل للدموع ، وأعلنت الحكومة أن جميع التظاهرات غير قانونية، وهددت بإطلاق النار على “المحرضين”، مثل معلمي المدارس الذين شجعوا الطلاب على المشاركة .وقد كانت تلك التهديدات غير فعالة فقد خرج الطلاب من الفصول الدراسية وانضموا إلى الإضراب وكذلك شاركوا في المسيرات العامة التي جرت في جميع أنحاء البلدات العربية ، من الجليل في الشمال إلى النقب في الجنوب. وقد جرت إضرابات تضامنية أيضًا في وقت واحد تقريبًا في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي معظم مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
شهداء يوم الأرض
صباح 30 آذار من العام 1976 كانت عائلة خديجة تجلس على مصيف بيتهم، حين سمعوا صوت إطلاق رصاص في القرية فدخلوا إلى البيت ليكتشفوا أن خالد البالغ من العمر 8 سنوات ليس معهم، فأرسل الوالد خديجة للبحث عن أخيها ظنًا منه أن الجنود الإسرائيليين الذين فرضوا حظر التجوال في حينها، لن يقتلوا خديجة، ولكن عندما خرجت خديجة باغتتها قوة عسكرية إسرائيلية ومن شدة خوفها دارت للعودة للبيت فقتلها الجنود برصاصة في الظهر.
هذه عيّنة من الممارسات التي قام بها العدو الإسرائيلي،وقد سقط في ذلك اليوم ستة شهداء بحسب اللائحة الآتية:
أدبيات يوم الأرض
كتب الشاعر محمود درويش ليوم الأرض قصيدة بعنوان الأرض وخلّد فيها اسم خديجة شواهنة يقول فيها:
“أنا الارض
والارض أنت
خديجة! لا تغلقي الباب
لا تدخلي في الغياب
سنطردهم من اناء الزهور وحبل الغسيل
سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل
سنطردهم من هواء الجليل.”
وكذلك في الأدب الشعبي نجد أهازيج كثيرة تتوحّد فيها البلاد للدفاع عن الأرض والبلد:
” طلت خيلنا من قاع وادي
عوايد رجالنا تكيد الاعادي
ياطلت خيلنا من دير حنا
يومك يا ارض والدم غنى
ياطلت خيلنا من مجد الكروم
دمك شبابنا ع الارض بيعوم
ياطلت خيلنا من صوب عرابه
لاجلك يابلادنا ضحوا الشباب
عن الحوار نيوز
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً