في قرية "حسون" البيئية .. أصبح "للصابون" حكاية

الإثنين 08 تشرين الثاني , 2021 05:55 توقيت بيروت ثقافة

الثبات ـ ثقافة

قرية "بدر حسون" اللبنانية لا تشبه بقية القرى، لا نجد فيها بيوتاً أو سكاناً.. هي قرية من نوع آخر، صديقة للبيئة، تصنع مختلف أنواع الصابون العطري والعلاجي والزيوت وأعشاب "ديتوكس" لإزالة السموم من الجسم وتنحيفه، وصولاً إلى الكريمات ومستحضرات العناية بالبشرة. وكلها صناعات "بلدية" بامتياز منتجة من قلب الطبيعة لا يدخل في تركيبتها أي مواد كميائية.

تمثّل "قرية بدر حسون البيئية" في شمال لبنان معلماً صناعيا -بيئياً - جمالياً يركّز على الطبيعة، وعناصرها منطلقاً من صناعة الصابون، ومتشعباً في أصناف العلاجات الجسدية، والجلدية، وعلى ما يتعلق بها من الجماليات.

 مؤسس القرية محمد بدر حسون، انطلق مطلع الثمانينات في أسواق طرابلس القديمة، من موقع أثري تاريخي هام يعرف بـ"خان الصابون"، متبنياً طريقة التصنيع التراثية الأهلية للصابون وفق التقليد المحلي.

وتقع القرية المبنية وفقاً لمعايير منظمة الصحة العالمية، والحائزة على ترخيص من "ايزو" للجودة والنوعية، في منطقة الكورة في شمال لبنان. وبنيت القرية منذ أكثر من 6 سنوات، ونقشت ورسمت بأشكال تقليدية لتحيي التراث الغني بالمواد الطبيعية غير العضوية.

وتمتدّ قرية بدر حسون على مساحة 15 ألف متر مربع وتضمّ معملاً ومختبراً علمياً وحديقة ومطعماً ومنتجعاً سياحياً. ويشرف حسون شخصياً على زراعة المواد العضوية الطبيعية اللازمة لهذه الصناعة، بالإضافة إلى مبان سكنية لأفراد عائلته الذين يعملون معه. ونظراً الى طبيعة مكان المصنع والمناخ المحيط به والمقومات القروية، كانت تسمية المصنع بـ "القرية".

لا مواد كيميائية

تطورت صناعة الصابون على يدي حسون، مبتعداً عن المواد الكيميائية، ومركزاً على المواد العضوية، إن في العطور، أو الزيوت، أو الألوان.

وتُعد منتجات المصنع الأولى في الشرق الأوسط الحاصلة على شهادة "حلال طيبة" ما يعني أن المنتج خال من أي مواد حيوانية أو كيميائية أو اصطناعية.

ويؤكد حسون أن "الدقة في التصنيع هي أكثر ما تحتاج إليه هذه الصناعة، فنحن نستخدم العطور النادرة التي تعتبر أقوى من الزمن لأن للذاكرة عطر الماضي بحلاوته ومرّه."

وتلقى منتجات القرية رواجاً كبيراً في الأسواق الخارجية لما تتمتع به من جودة عالية، ويلفت حسون إلى أنهم أول من صدّر الصابون إلى مرسيليا، ثم بدأت المنتجات تغزو الصين وأمريكا وأوروبا بالإضافة إلى الدول العربية.

تاريخ طويل

تعود صناعة الصابون لدى آل حسون إلى العام 1480، وقد توارثتها أجيالهم عبر 15 جيلًا وقد طور هذه الصناعة وحوَّلها إلى صناعة صديقة للبيئة، متخليًا من أجل ذلك عن عالم الذهب حيث يقول: «لعب القدر دورًا في وصولي إلى ما أنا عليه اليوم.

فبعد سرقة معمل ومتجر الذهب الذي ورثته عن والدي، نصحني أحد أقاربي بالعودة إلى حرفة أجدادي. فخلعت الثوب الذي كنت أرتديه لأعوام، وبدأت من الصفر في صناعة الصابون». وأضاف: «في البداية اعتمدت الطريقة الأهلية التقليدية في محترف خان الصابون الشهير في طرابلس، فوجدت إقبالاً من التوّاقين للصابون البلدي المفقود، ما شجّعني على المتابعة والابتكار».

إذا كان البعض يتغنّى بحبه للطبيعة، فإنّ ابن سير الضنية عمل على حمايتها، وقد أعلن مرارًا «أنا بيئي حتى العظم، وأعشق المحافظة على الطبيعة من خلال مهنتي التي جعلت الدورة الاقتصادية بيئية. فالجميع يستفيد من البيئة، المزارع الذي يزرع أو يربي الحيوانات، والمصنع الذي ينتج. وأنا أعلف البقر بطعام عضوي كي ينتج حليبًا صحيًا. علاقتنا مع أمنا الطبيعة لا تضرّ، فهل من أم تضرّ بولدها»!
وعن سبب تسميته لمصنعه بـ «القرية» قال: «لأنه يحتوي على كل مقوماتها. مبدأ صناعتي هو مبدأ القرية التي تعتمد على إنتاج سكانها، وهدفي العودة إلى الطبيعة الأم ولغتها».

إلى العالمية بأغلى صابونة ثمناً

وتعقد القرية اتفاقات مع الجامعات لتطوير مختبرها ومراكز الجودة. ويشير مدير التسويق والعلاقات العامة في القرية البيئية أمير حسون، إلى أن المصنع يضمّ أطباء واختصاصيين في الأعشاب يبذلون كل طاقاتهم لإنتاج الأفضل.

ويشيد حسون بمجهوده وبنيل القرية على جائزة "غينس" لأغلى صابونة في العالم. وتتراوح الأسعار بين 10 و 2800 دولار، وهو سعر أغلى صابونة في العالم صنعتها عائلة حسون. وتحتوي على 17 غراماً من الذهب الصافي (عيار 24)، وغرامات من بودرة الماس إلى جانب المكونات الطبيعية من زيت الزيتون النقي وعسل النحل العضوي والعود المعتّق والبلح.

ويجري العمل حالياً على افتتاح منتجعاً صحياً داخل القرية وتحديداً في قلب الوادي، الذي يعيد قاصديه إلى الحياة الطبيعية التي كان الأجداد يعيشونها قديماً، ولا يمكن الوصول إليه الا عبر استخدام الحمير كوسيلة نقل. أما الأشخاص الوافدين إلى المنتجع الصحي فسيقيمون في مغاور وليس في غرف. كما سيتم  افتتاح مطعم صحي يقدم طعاماً عضوياً من مزارع القرية. 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل