الثبات - إسلاميات
إنّ الحمد لله، نحمده تعالى ونشكره، ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير وإليه المصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وأشهد أنّ سيدنا وحبيبنا وقائدنا وقرة أعيننا محمداً رسول الله، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله ومن سار على طريقه واتبع هداه إلى يوم الدين.
الفتوى لغة: هي إعادة كل شيء إلى أصله وذاتيته الحقيقية.
الفتوى اصطلاحاً: هي إظهار الحكم الشرعي ببساطته، والاستدلال لحقائقه، وتبيين حكمه. نُسمع الفتوى بدليلها الشرعي، وهذا يكون مع طلاب العلم الشرعي، أمّا الناس العوام من غير الطلاب نُسمعهم الفتوى فقط دون الدليل، فإن طُلب لِلَبس يبين ويوضح.
أهل الفتوى هم أهل العلم، وأهل العلم هم العلماء الربانيون الذين يخافون من الله سبحانه وتعالى، ويتقوه في أفعالهم وتصرفاتهم وكل أحوالهم، ويتدارسون العلم من كل جوانبه، قال الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} سورة النحل-الآية 43، أي أهل المعرفة مع أخذ كلمة "الذكر" لتكون بمعنى الذاكرين الذين لا يغيب ذكر الله سبحانه وتعالى عن ألسنتهم، من خلال الرواية والدراية والمدارسة، وهذا كله كي لا يكذب أو يزل سواء متعمداً أو غير متعمد.
كلمة المفتي لها معان متعددة:
ممكن أن يكون العالم المجتهد المطلق.
ممكن أن يكون العالم المجتهد في المذهب.
ممكن أن يكون العالم المرجح.
ممكن أن يكون من حفظ المتون.
على المفتي أن يكون متبحّراً في المذاهب؛ ليعطيَ كل سائل حقه دون زيادة أو نقصان، ولا يتجرأ على الفتوى دون علم بها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أجرؤكم على الفتوى أجرؤكم على النار)).
أدب العلماء سابقاً كان من خلال التراتبية، العالم الذي يُسأل عن مسألة معينة يقول له: اذهب إلى فلان فهو أعلم مني، وذكر تاريخاً أنّ هناك مسألة عرضت على أربعين عالماً، وكل واحد منهم يقول: اذهب إلى فلان فهو أعلم مني.
الفتن التي ظهرت في الآونة الأخيرة ليس من فعل العلماء الأتقياء، بل من علماء السلاطين الذين باعوا ما عرفوا بعرض الدنيا، وأفتوا بما تملي عليهم أحزابهم، دون الرجوع إلى الشريعة الغراء؛ لهذا أهريقت دماء كثيرة في بلداننا العربية والإسلامية.