الصديقة مريم عليها السلام ... سلسلة خطب الشيخ الدكتور عبد الناصر جبري رضوان الله عليه

الثلاثاء 27 تموز , 2021 08:14 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات - إسلاميات

إنّ الحمد لله، نحمده تعالى ونشكره، ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير وإليه المصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وأشهد أنّ سيدنا وحبيبنا وقائدنا وقرة أعيننا محمداً رسول الله، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله ومن سار على طريقه واتبع هداه إلى يوم الدين، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} سورة آل عمران-الآية 102. أما بعد عباد الله:

قال الله تبارك وتعالى بعد قول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{وإذ قالت الملائِكَةُ يامريمُ إنَّ الله اصطَفَاكِ وطَهَّرَكِ واصطَفَاكِ على نساءِ العالمين* يامريمُ اقنُتِي لربِّكِ واسجُدِي واركَعِي مع الرَّاكعين} سورة آل عمران-الآية 42-43، وقال الله تعالى في موضع آخر: {فَأَتَت به قَومَهَا تَحمِلُهُ قالوا يامريمُ لقد جئتِ شيئاً فَرِيّاً*يا أُختَ هارُونَ ما كان أبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وما كانت أُمُّكِ بَغِيّاً*فأشَارَت إليه قالوا كيفَ نُكَلِّمُ من كان في المَهدِ صَبِيّاً} سورة مريم-الآية 27-29: جاءت السيدة مريم بوليدها، فانتهرها بنو إسرائيل، طاعنين في عرضها وشرفها، فلم تردّ عليهم بشيء، وتركت هذا لابنها الصغير الذي أشارت إليه، فأجابهم وهم في استغراب شديد: {قال إنِّي عَبدُ الله آتَانِيَ الكتَابَ وجَعَلَني نَبِيّاً*وجَعَلَنِي مُبَارَكاً أين ما كُنتُ وأوصَانِي بالصَّلاةِ والزَّكَاةِ مادُمتُ حَيّاً*وبَرّاً بوالدتي ولم يَجعَلنِي جَبَّاراً شَقِيّاً*والسَّلام عَلَيَّ يومَ ولِدتُ ويومَ أمُوتُ ويومَ أُبعَثُ حَيّاً} سورة مريم-الآية 30-33، وحّد الله سبحانه وتعالى بأول كلمة نطقها، حيث جعل العبودية لله وحده، فالله سبحانه وتعالى خالق كل شيء ونحن عبيده، وحتى لا يظن أحد أن نبي الله عيسى عليه السلام جاء بطريقة غير شرعية، سواء أكان بنسبه لله تبارك وتعالى أو للنجار، حاشا وكلّا عنه عليه السلام، جاء بخطاب "عبد الله" لدحض كل هذه المزاعم.

{آتانيَ الكتاب}: كتاب عظيم فيه هدى الله سبحانه وتعالى، وما علينا إلا اتباعها والاقتداء بها، والسير بمنهجها، إلا أن الله تبارك وتعالى اصطفى لنا كتاباً محفوظاً من التحريف والتبديل، قال الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نـزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} سورة الحجر-الآية 9، أما من سبقنا من الأمم فقد غيروا وبدلوا في كتب الله سبحانه وتعالى التي أنزلت على أنبيائه.

{وجعلني نبياً}: لكي يعلم الناس أن هذا المولود كان مولده كآدم عليه السلام، ولكن سيدنا آدم كان بدون أب وبدون أم، أمّا نبي الله عيسى عليه السلام كان بدون أب وأمه صدّيقة، وكان مولد سيدنا عيسى عليه السلام آية من آيات الله تبارك، ودلالة على عظمة الله تبارك وتعالى وهذا الأصل، أما التفريع جاء بقوله: أمرني بالصلاة والزكاة وبراً بوالدتي.

انصاع إلى مرضاة ربه من خلال بره بوالدته، وإنفاقه في سبيل الله، وهذا دليل على الإخلاص في العبودية لله سبحانه وتعالى، فيجب علينا أن نصلي ونصوم ونزكي ونضحي بكل شيء من أجل مرضاة الله سبحانه وتعالى.

الحب في الله يوصل إلى الله، ومنه يوصل إلى الراحة الدنيوية والأخروية، والسلام يوصل إلى الإيمان لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم))، أهل الإيمان ليس لديهم إلا السلام، ولم يأتوا بالذبح والقتل بل هو من فعل الصهاينة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل