إبريق زيت الحوار اللبناني 1697 - 2021 وما بعدها (الأخيرة) ـ أحمد زين الدين

الثلاثاء 13 تموز , 2021 09:02 توقيت بيروت أقلام الثبات

الحوار في عهد عون .. والطريق المسدود

أقلام الثبات

ثمة أسئلة كثيرة يطرحها اللبنانيون، كلما سمعوا عن حوار مزمع، أو التحضير لحوار، ومن هذه الأسئلة:
ماذا يمكن أن ينتج، وماذا ينتظرنا بعده وهل نحن أمام هدوء واستقرار أم أمام مرحلة جديدة من مخاض صعب لا يعرف متى ينتهي؟
واللبنانييون كما كانت حواراتهم تنتج أحياناً أزمات أو مدخلاً لأزمات كبرى، وحروب، كانت أيضاً مدخلاً لحلول، وفي كل الحالات، فإن التشديد والعمل من أجل الحوار له معنى واحد أن هناك أزمة ولابد من حل لها.

بعد انتخاب الرئيس العماد ميشال عون، وما شهدته البلاد من تطورات متلاحقة منذ 17 تشرين الأول 2019، علما ان اتجاه الأوضاع نحو التازم الاقتصادي والمالي بدا مبكرا في المرحلة الجديدة، وبهذا قرر الاجتماع، الذي عقد في قصر بعبدا، بعد ظهر الثاني من أيلول 2019، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وحضور رئيسي مجلسي النواب نبيه بري والوزراء سعد الحريري، ورؤساء الأحزاب والكتل النيابية وممثليهم، إعلان حالة طوارئ اقتصادية 
كما أكد الاستمرار في سياسة استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية، وإقرار إطار مالي متوسط المدى، يمتد على سنوات 2020، و2021، و2022، كذلك، أقر خفض عجز الكهرباء إلى 1500 مليار ليرة، والإسراع بإطلاق المشاريع الاستثمارية المقررة في مجلس النواب والبالغة قيمتها 3,3 مليار دولار.
ودعا الاجتماع إلى اقرار مجلس الوزراء، لائحة مشاريع المرحلة المقبلة من برنامج الإنفاق الاستثماري «سيدر»، ومناقشة وإقرار تقرير «ماكينزي» ووضع آلية لتنفيذ التوصيات القطاعية الواردة فيه.
وفي أيار ٢٠٢٠ انعقدت طاولة حوار في قصر بعبدا تحت عنوان اقتصادي بحت، وهدف حصرا الى تأمين الدعم والغطاء السياسي لخطة الحكومة الاقتصادية التي على أساسها سيجري التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ولقرارات غير شعبية وموجعة يجب أن تتخذ... وشكل هذا الاجتماع مؤشرا الى إرادة ورغبة لدى الرئيس عون للتدخل في الملف الاقتصادي المالي ومتابعته شخصيا عبر اجتماعات مالية واقتصادية متكررة.
ومع التطورات التي أخذت تشهدها البلاد منذ 17 تشرين الأول 2019، والشلل الذي أصاب الحكومة وبدء تدهور الأوضاع المالية والاقتصادية والمعيشية، كانت دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى حوار في قصر بعبدا الخميس 25 حزيران 2020، وهذه الدعوة اختلفت عن الدعوتين السابقتين في عهد الرئيس عون، لأنها كانت تحت عنوان «طاولة حوار وطني» وجدول أعمالها لم يكن محصورا بالأزمة والخطط الاقتصادية والمالية، وإنما يتجاوزها الى البحث السياسي في مجمل الظروف والتطورات، وفي أزمات متشعبة و«سياسية» في العمق، وما يختلف أيضا هذه المرة أن الطاولة توسعت ودعي إليها رؤساء الجمهوريات والحكومات السابقون، وهو ما يحصل للمرة الأولى، لكن السؤال بقي هل ستنتج هذه الجلسة قمحا بعد اعلان عدد كبير من المدعوين مقاطعة هذا الحوار ابرزهم الرئيس إميل لحود، رؤساء الحكومات السابقون:سعد الحريري، نجيب ميقاتي، تمام سلام، وفؤاد السنيورة بالإضافة إلى رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع؟.
الجدير بالذكر أن القصر الرئاسي كان قد وجّه الدعوات إلى 20 شخصية متوزعة بين رؤساء جمهورية وحكومات سابقين ورؤساء الكتل النيابية والأحزاب الفاعلة، إلّا أنّ نصف المدعوّين أعلنوا المقاطعة. وسجل خرق لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي شارك بناء على تمنّي رئيس مجلس النواب نبيه بري وانسجاماً مع موقفه المبدئي بتلبية أي دعوة حوار، ومثله فيه نجله تيمور.
حتى إن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي حرص على إقناع الحريري بضرورة المشاركة في اجتماع بعبدا من بوابة نبيه بري.
يذكر أيضاً، أن الرئيس عون عند عدم استجابة الأطراف لمبادرة بري بالمشاركة، استعان بخبرة مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم في فن التفاوض والإقناع، وهو اللاعب الحقيقي على خط حل الأزمات السياسية والمالية والأمنية، ورغم ذلك ظلت الصعوبات تتحكّم بقرار مشاركة الحريري وفرنجية.
وخلال لقاء الحريري مع اللواء إبراهيم، استفاض الحريري في الحديث عن مرارته من الطريقة التي عومل بها.
وفي المقابل، شرح اللواء إبراهيم أنّ الاجتماع لا علاقة له بتعويم العهد، بقدر ما هو مخصّص لتعويم وإنقاذ البلد. ونصح الحريري بعدم تكرار خطأ المسيحيين التاريخي في العام 1992، حين انكفأوا عن الدولة، ليصبحوا بعدها خارجها حتى العام 2005، وهو ما تسببت في فقدان التوازن في البلد، لكن الحريري تشبَّث بموقفه، وعزّزه بالرفض.
الخلاصة العامة، لدعوات الحوار في كل مرة تعصف بالبلد أزمة ما، تعني أن هناك خلاف سياسي، وربما أيضاً طائفي يطفو على السطح، تبعاً لمصالح القوى السياسية المهيمنة على مقدرات البلاد، الذين يتناسون أن المراكز العليا وما تحتها إذا كانت مرهونة لتوازنات طائفية، إلا أنها أولاً وأخيراً مراكز وطنية، وليست مراكز ملية.

حمى الله لبنان

انتهى


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل