بيلاطس الصهيوني. وأحفاد يهوذا _ أمين أبوراشد

الخميس 17 نيسان , 2025 09:38 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

صلب السيد المسيح قد تمّ على أيدي الرومان في عهد بيلاطس البنطي، بعد أن سلَّمه إياه اليهود، على الرغم من أن اليهود كانوا ينتظرون "مسيحاً" يأتي كي يخرج بهم من الظلمة التي وقعوا فيها، لكنه عندما جاء أنكروه.

يقول كتاب "العلامات العشر المدمِّرة في التراث الديني": المسيح المُنتظر عند اليهود ملك من نسل داوود، سيأتي بعد ظهور النبي إيليا، ليعدِّل مسار التاريخ اليهودي، فيُنهي عذاب اليهود ويأتيهم بالخلاص، ويجمع شتات المنفيين منهم ويعود بهم إلى "جبل صهيون"، ويحطِّم أعداء جماعة "إسرائيل" الذين يتخذون أورشليم القدس عاصمة لهم.

لسنا هنا في وارد الشرح لتبيان الفارق بين اليهودية والصهيونية، لأن اليهودية التي تعتمد التوراة والتلمود مرجعَين لها، تعتبر الصهيونية بدعة تُغضِب الله، الذي حرَّم على اليهود إقامة دولة بعد انهيار مملكتي "داود وسليمان" و"حشمونائيم"، وأوصاهم بالعيش تحت حكم الآخرين، وأبرز مظاهر رفض اليهود المتدينين الرافضين للصهيونية، ولكيان ما تُعرف الآن باسم "دولة إسرائيل"، هم "اليهود الحريديم" الذين يعيشون في الكيان المحتل ولا يخدمون في إطار الدولة، لا في الوظائف المدنية ولا العسكرية، لأنهم لا يعترفون بها، لا بل يُجاهرون بأن على اليهود أن يعيشوا تحت حكم الدولة الفلسطينية.

ذكرنا لمحة تاريخية بسيطة، لتبيان الفارق بين اليهودية كإحدى الديانات السماوية الثلاث، وبين الصهيونية المعتدية الغاصبة التي يسعى العرب حالياً إلى القبول بها كيهودية معاصرة ضمن الديانات الإبراهيمية: اليهودية والمسيحية والإسلام، وتحت مسمى "وحدة الديانات الإبراهيمية"، يحصل التقارب العربي المعاصر مع الصهاينة، وتقديم فلسطين أضحية على مذبح وحدة كاذبة لا تعرف الله ولا الرُسُل والأنبياء.

أمام واقع شرقٍ كان موطن الأنبياء، وفي أسبوع آلام السيد المسيح، نعيش دروب الجلجلة كما قبل أكثر من ألفي عام، لكننا الآن في زمن "بيلاطس الصهيوني" فيما أحفاد يهوذا من ملوك وأمراء ورؤساء عرب باعوا ما تُسمَّى عروبة بثلاثين من الفضة، تحت راية أكذوبة اسمها "وحدة الديانات الإبراهيمية"، والأُضحِية هي فلسطين النازفة على مذبح التكاذب في ساحات الإجرام.

وكما مراحل درب الجلجلة المقدسة، نسير كعرب ومشرقيين اليوم الدرب ذاتها، سواء عبر حلقات مسلسل التطبيع مع "بيلاطس الصهيوني"، إلى كل مشهديات الجلد في لبنان وسورية والعراق واليمن، وتمادي يهود الزمن المظلم في ظلمهم وعدوانهم، حيث عشرات الآلاف من الضحايا في فلسطين تحت ركام غزة والضفة الغربية فيما رؤوس العرب غارقة في رمال الخيبة الدهرية.  

لكننا إذا أخذنا بالمفهوم الديني المسيحي، والإيمان بقيامة السيد المسيح في اليوم الثالث، من الأرض نفسها التي يبحث فيها "بيلاطس الصهيوني" عن "اليوم التالي" لعدوانه الذي لم يعرف التاريخ مثيلاً له، فإننا على ثقة أنه لن يتمكن من صلب سبعة ملايين فلسطيني، حتى ولو تخلى كل "أحفاد يهوذا" عنهم، وأن قيامتهم هي على أرضهم، ولا خيار آخر أمامهم، ولا "يوم تالي" للكيان المجرم ما لم يُعلَن قيام دولة فلسطين المصلوبة الآن، بعد أن سلَّمها الشرق والغرب إلى يهود بيلاطس.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل