أقلام الثبات
في السادس من حزيران عام 1982 اجتاحت القوات "الإسرائيلية" جنوب لبنان في تجربة مكررة لحرب الأيام الستة في الخامس من حزيران عام 1967 المعروف "بيوم النكسة" والتي انهزمت فيها الجيوش العربية وتم احتلال سيناء والضفة الغربية والجولان وسقطت القدس الشريف ..وفي نسخة مكررة للاجتياح "الإسرائيلي" عام 1978 والذي تم بنهايته احتلال جنوب الليطاني وتأسيس دولة "لبنان الحر" بقيادة الرائد اللبناني العميل سعد حداد بمباركة من الأحزاب والزعماء المسيحيين بحجة حماية المسيحيين في الجنوب وكانت أول خطوات التطبيع والعمالة للعدو "الإسرائيلي" من بعض القوى السياسية المسيحية اللبنانية .
اجتاحت "إسرائيل" لبنان عام 1982 واحتلت اول عاصمة عربية ووصلت الى بيروت وفرضت انتخاب رئيس للجمهورية من أدواتها وكان هدفها المعلن القضاء على المقاومة الفلسطينية وإخراجها من لبنان لحماية شمال فلسطين من عمليات المقاومة الفلسطينية التي حضنها جنوب لبنان بعد ترحيلها من الأردن وتحول الجنوب الى قاعدة عسكرية وسياسية وتمادى الفلسطينيون في تجاوزاتهم وتصرفوا كدولة تستضيف الجنوبيين في كيانها، ومع ذلك لم يتخل الجنوبيون عن القضية متمسكين بالشعار الذي أطلقه الامام موسى الصدر "ساحمي المقاومة بعمامتي ومحرابي ومنبري" بالتلازم مع افتاء الإمام الخميني قبل انتصار الثورة الإسلامية في ايران بجوز اعطاء الأموال الشرعية من الخمس والزكاة للمقاومة الفلسطينية .
تم ترحيل المقاتلين الفلسطينيين الى تونس والجزائر واليمن واعتقدت اسرائيل انها ارتاحت من المقاومة الفلسطينية لكنها فوجئت بانطلاق مقاومة لبنانية اشترك فيها اغلب اللبنانيين الشرفاء من حركة امل والمقاومة الإسلامية والأحزاب اليسارية من الحزب القومي السوري والحزب الشيوعي والتنظيم الناصري وحزب البعث وغيرهم من المقاومين المنفردين ومن العلماء والمثقفين والإعلاميين ومن مختلف الشرائح الاجتماعية وكانت مقاومة وطنية أساسها وركيزتها الجنوب ..
استمرت المقاومة 18 عاما ولدت يتيمة على المستوى اللبناني الرسمي وحتى الشعبي العام لكنها استمرت وحوصرت عربيا ودوليا... وتواصلت بفضل تضحيات واحتضان أهلها المقاومين ودعم سورية وايران خصوصا ..واستطاعت هذه المقاومة الشريفة ان تنتصر لأول مرة على الجيش الإسرائيلي وتهزمه وتحرر أول أرض عربية من دون قيد أو شرط ومن دون معاهدات استسلام بعد اسقاط اتفاق 17 أيار الذي وافق عليه المجلس النيابي في عهد الكتائب برئاسة امين الجيل.!
لقد قدمّت المقاومة في لبنان نموذجا لبقية حركات التحرر بأنه يمكن تحرير الأرض بالمقاومة المسلحة وأن القرارات الدولية لا تنفذ إلا على الضعفاء وإسرائيل مثال التمرد على القوانين الدولية دون عقاب بعد امتناعها عن تنفيذ القرار الدولي رقم 425 الذي يقضي بانسجاب اسرائيل من الأراضي اللبنانية التي احتلتها فبي العام 1978 ...ولم تنسحب الا تحت ضربات المقاومة والعبرة الأهم انها تركت عملائها من جيش لحد وعملائها في القرى ينتظرون على الحدود تاركين بيوتهم وسياراتهم وكل ما يملكون لتسمح "إسرائيل" لهم بالدخول اذلاء مقهورين يسكنون غي مخيمات العملاء ..دون احترام او حقوق لهم ...
بعد 39 عاما وثارا للهزيمة "الاسرائيلية" تعود اميركا وحلفائها لتسرق النصر من أيدينا وتحاول تفجير المجتمع المقاوم بحرب ناعمة اقتصادية سلاحها التجويع والحصار والفقر لاشعال الفتنة وتشجيع الناس على الانقلاب على المقاومة ولتقول ان من يتجرا على مقاومة "إسرائيل" وأميركا وهزيمتهما سيدفع الثمن غاليا ولن يفرح بالنصر ولن يعيش هانئا مرتاحا ..وسنعيده الى القرون الماضية في معيشته ..!
ساهم البعض في لبنان بقصد او غير قصد عبر صمتهم وقصورهم وتقصيرهم بزيادة الحصار وبعضهم كان مثال جيش لحد الاقتصادي والمالي لإسقاط المقاومة ...واعادة احتلال لبنان من دون جيوش او دبابات ...بلا حروب ومعارك..!
لكن مهما اشتد الحصار سيصمد الشرفاء الذين هزموا اسرائيل والمتعددة الجنسيات ..وليبادر اهل المقاومة بتطهير صفوفهم من الانتهازيين والوصوليين والعملاء . وليعملوا لتأمين حاجات أهلهم ..ومهما كانت الظروف سننتصر على الاجتياح الاقتصادي والمالي كما انتصرنا على الاجتياح العسكري ..ولو بعد حين .
وما النصر الا صبر ساعة ...