صوم الخواص .. "صيام البطن"

الخميس 22 نيسان , 2021 11:18 توقيت بيروت رمضان 1442 هـ / 2021 م

الثبات - إسلاميات

 

صوم الخواص

"صيام البطن"

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

مما يعجب له الإنسان، أن يرى شخصاً يصوم عن أكل المباح في نهار رمضان كيلا يفسد صومه، لكنه يفطر عند غروب الشمس على الحرام مما اكتسبه سحتاً والعياذ بالله، وما أكثرهم اليوم! فكيف يصوم البطن وقد أفطر على الحرام، وطعامه من الرّبا والسُّحت، والغشّ ومال اليتيم والغصب؟

إنّ الإسلام الحنيف دعا الناس إلي طيب الكسب واجتناب الحرام منه حيث قال تعالى: {يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}، وقال أيضاً: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}، لأن حِلَّ الطعام وحرمتَهُ له أثرٌ على حياة الإنسان وسلوكه وأخلاقه، وكذلك له التأثير البالغ على دينه وتقواه، ويكفي آكل الحرام عقوبةً أنه محرومٌ من اجابة الدعاء، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: "ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمدّ يديه إلى السماء: يا رب يا رب ، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذّي بالحرام، فأنّى يُستجاب له؟".

صوم البطن في رمضان، يكون باجتنابه التكسب غير المشروع، من تعاملٍ بالرِّبا، وأكلٍ لأموال اليتامى ظلماً، واحتيالٍ على الناس وتقديمٍ للرشوة، وصدق الحبيب صلى الله عليه وسلم حيث قال: "يأتي على الناس زمان لا يبالي المرءُ ما أخذ منه، أمن الحلال أم من الحرام؟".
كان الصالحون يعرفون من أين يأكلون، فتهذبت أرواحهم وصفت قلوبهم، واستجاب الله دعاءهم، لأن اللقمة الحرام، يجري سمها مجرى الدم في العروق، قال صلى الله عليه وسلم: "كلُّ جسدٍ نبت من سحتٍ فالنار أولى به".

ذُكِرَ أنّ أبا بكرٍ الصّدّيق رضي الله عنه أنَّه تغدّى يوماً من الأيام، ثم سأل خادمه: من أين هذا الطعام؟ فقال: من كهانة كنت أتكهّن بها في الجاهلية. فأدخل أبو بكرٍ يدَه، وانتغر، فأخرج ما في بطنه من الطعام، وكان يوسف بن أسباط رحمه الله يقول: إن الشاب إذا تعبَّد قال الشيطان لأعوانه: انظروا من أين مطعمه؟ فإن كان مطعم سوء قال: دعوه يتعب ويجتهد فقد كفاكم نفسه، إن اجتهاده مع أكل الحرام لا ينفعه.

فحريٌّ بالصائم أن ينزّه بطنه عن أيّ شبهة يأكلها، كي يحفظ صيامه وورعه وتقواه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل