رمضان مدرسة الجود

الثلاثاء 20 نيسان , 2021 10:00 توقيت بيروت رمضان 1442 هـ / 2021 م

الثبات - إسلاميات 

 

رمضان مدرسة الجود

 

لطالما كان شهر رمضان المبارك ميدان بذلٍ وعطاء، يتقرب فيه أهل القدرة إلى الله تعالى بأموالهم وصدقاتهم، فالصيام وحده، كفيلٌ بإظهار نوع القلب الذي يحمله صاحبه، لأنَّ الصائم عندما تقرقر أمعاؤه من الجوع، ويجفّ حلقه من الظمأ، يشعر بالشعور الذي يعتري الفقراء والمساكين طيلة أيام العام، فتسرع نفسه لتبحث عن أساليب بذل المعروف لجبر خواطر الناس، متذكرةً قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "أحبُّ الأعمال إلى الله عزّ وجلّ سرورٌ تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تطرد عنه جوعاً، أو تقضي عنه دينا"، فالشعور بالجوع في رمضان يدعو إلى إطعام الجائع، وإعطاء المسكين ومساعدة الفقير.

فما أجمل البذل وما أحلى الصدقة! كلما أنفق العبد أخلف الله عليه وعوّضه خيراً مما بذل، وبارك له في ماله وصحته وعياله، وحطّ عنه من خطاياه الشيئ الكثير، قال صلى الله عليه وسلم: "الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار"، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أيضاً: "ما من يوم يصبح فيه العباد إلا وينادي ملكان: اللهم أعط منفقاً خلفاً، وأعط ممسكاً تلفاً".

والعجيب أن كلّ ما يصرفه الإنسان من مالٍ لأكله وشربه ولباسه، يزول لا محالة، إلا ما كان في سبيل الله تعالى، فإنه مخلوفٌ عليه إكراماً لصنيعه، لذلك كان الصالحون يتكفلون في رمضان بتفطير الصائمين من الفقراء والمساكين، فكانت تمتلئ أروقة المساجد بموائد الطعام المقدم للفقراء، فلا تجد في بين الناس فقيراً ولا جائعاً.

قال الشافعي رضي الله عنه: "أُحبُّ للرجلِ الزيادةَ بالجودِ في شهر رمضان، اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولحاجةِ الناس فيهِ إلى مصالحهم، ولتشاغل كثيرٍ منهم بالصَّومِ والصلاةِ عن مكاسبهم"، كان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يصوم، ولا يفطر إلاَّ مع المساكين، يأتي إلى المسجد فيصلي ثم يذهب إلى بيته ومعه مجموعة من المساكين، فإذا منعهم أهله عنه لم يتعشَّ تلك الليلة، وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه، أخذ نصيبه من الطعام، وقام فأعطاه السائل، فيرجع وقد أكل أهله ما بقي في الجفْنَةِ (أي طبق الطعام)، فيصبح صائماً ولم يأكل شيئاً، وكان حماّد بن أبي سليمان يفطِّر في شهر رمضان خمسَ مائةِ صائمٍ، وكان يعطي يوم العيد كل واحدٍ  منهم مائة درهم.

وهكذا يكون شهر رمضان مدرسة الجود والبذل والعطاء.

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل