صوم الخواص .. "صيام العين"

السبت 17 نيسان , 2021 09:53 توقيت بيروت رمضان 1442 هـ / 2021 م

الثبات - إسلاميات

 

صوم الخصوص

"صيام العين"

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

لا ينبغي لمن أجاع بطنه وأظمأ كبده في نهار رمضان أن يضيّع صيامه ويخسر الأجر جرّاء نظرةٍ مسمومةٍ دخلت قلبه فخرّبت عليه عبادته! فالنظرة سهمٌ مسمومٌ من سهام إبليس، إذا اخترقت القلب أحرقته بنار الشهوات، وضيعت عيه أنوار العبادة والطاعات، قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}.

فمن أطلق نظره في الحرام تشتّت قلبه في كلّ وادٍ، وطافت به مخيلته حيث استقرّ ما شاهده في قلبه وهو غير قادرٍ على تحصيله ولا إلى الوصول إليه، يقول أحدهم: أطلقت عيني مرة في حرام، فنسيت القرآن الكريم بعد أربعين سنةً، فالعين رائد، إذا أُرسل صاد، وإذا انقيدَ انقاد، وإذا أُطلق وقع القلب في فساد.

وعليه فينبغي على العين أن تصوم صيامها الخاص، وهو الامتناع عن النظر الحرام، من مشاهدة المحظورات، وتتبع عورات الناس، ومراقبة الآخرين والتجسس عليهم، فكل ذلك يؤذي القلب والروح، وتحلّ فيهما الحسرة والندامة.

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: مِنْ تضييع الأمانة النظر في الحجرات والدور، وعن قيس بن الحارث قا ل: قال سلمان رضي الله عنه: أن أموت ثم أنشر، ثم أموت ثم أنشر، ثم أموت ثم أنشر، أحب إليَّ من أن أرى عورة مسلم أو أن يراها مني.

ودخل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يوماً على مريض يعوده ومعه قوم، وفي البيت امرأة، فجعل رجل من القوم ينظر إلى المرأة، فقال عبد الله رضي الله عنه: لو انفقأت عينك كان خيرا لك.

فيجب علينا في هذا الشهر الكريم أن نحفظ أبصارنا عن النظر إلى المحرمات، التي تحيط بنا من كل جانب في الطرقات والأسواق وحتى في بيوتنا فقنوات التلفاز مليئة بها، وفي الهواتف التي في جيوبنا لا تفارقنا أبدًا، فهل نعلن انتصارنا على النظر إلى المحرمات في رمضان هذا العام ونوجه أبصارنا لكتاب ربنا لتصح قلوبنا، وتستقيم أحوالنا، ونجد لذةً في عبادتنا، وحلاوةً في مناجاة ربنا؟

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل