صوم الخواص .. "صيام الأذن"

الخميس 15 نيسان , 2021 12:39 توقيت بيروت رمضان 1442 هـ / 2021 م

الثبات - إسلاميات

 

صوم الخصوص

"صيام الأذن"

 

لا بدّ للسائر في طريق الوصول إلى الله تعالى، أن يطهّر سمعه من الأذى لأن الأذن منفذٌ واسعٌ إلى القلب، فموعظةٌ واحدةٌ يسمعها الإنسان بإخلاصٍ وصدقٍ تستقرّ في قلبه، كفيلةٌ في أن تغيّر حال القلب نحو الأفضل، وفي المقابل كلمةٌ واحدةٌ سيّئة، ربما تفسد القلب بأثرها ونتائجها، لذلك وجب على الصائم في رمضان أن يحفظ سمعه من الحرام، قال الله تعالى: {إنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}، فالإنسان مسؤولٌ عما يسمع كما هو مسؤولٌ عما يقول.

الأذن في رمضان تصوم عن سماع الفحش والبذاءة والغناء، وذلك يكون بالابتعاد عن مجالس اللهو واللغو، حيث تكثر الغفلة وتصدر الكلمات المسيئة وربما كانت كلماتٍ مخرجةً من الملّة والعياذ بالله، وكثيراً من نسمع ذلك في الطرقات وفي الأسواق، وكل من يستمع إلى غيبةٍ أو نميمةٍ أو فحشٍ أو غير ذلك مما حرَّمه الشرع الحكيم، فهو شريكٌ للقائل في الإثم تماماً بتمامٍ.

رأى عمر بن عتبة مولاه مع رجل وهو يغتاب آخر، فقال لمولاه: ويلك نَزِّه سمعك عن استماع الخنا  كما تُنزِّه نفسك عن القول به، فالمستمع شريك القائل، إنما نظر إلى شر ما في وعائه فأفرغه في وعائك، ولو رُدَّت كلمةُ سفيهٍ في فِيهِ، لسعد بها رادها كما شقي بها قائلها، ومما ورد في دعاء النبي صلى الله عليه: "اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي".
وإننا لنجد من الناس وللأسف، من عطّل أذنيه عن سماع الحق والذكر الحكيم، وأطلقهما في سماع الأنغام والغناء، وهذا مما يعطّل عمل العقل في التدبر والوعي، لأن الإنسان مطالبٌ بتدبر كلام الله تعالى حتى يزيد إيمانه، فإذا حرم الإنسان نفسه من سماع كلام الله تعالى، فقد أوقع نفسه في جفوةٍ بينه وبين التدبر.

ولذلك مدح الله تعالى فئةً من الناس حيث الغالبية منها أميةٌ لا تقرأ ولا تكتب فقال سبحانه: {وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}، فرقة قلوبهم مرجعها إلى سماع ما أنزله الله تعالى على قلب حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم.

فعلينا جميعاً أن نُنَزِّه أسماعنا عن سماع الحرام، امتثالاً لقوله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} حتى نحفظ صيامنا من العيب والنقص.

ومما قيل في هذا الباب:

إذا لم يكن في السمعِ مني تصــامُمٌ    وفي مقلتي غـَـضٌّ، وفي منطقي صمتُ
فحظي إذَن من صوميَ الجوع والظما    وإن قلت: إني صُمتُ يوماً فما صُمتُ

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 



 

 

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل