صوم الخواص .. "صيام اللسان"

الثلاثاء 13 نيسان , 2021 09:56 توقيت بيروت رمضان 1442 هـ / 2021 م

الثبات - إسلاميات

 

صوم الخواص

"صيام اللسان"

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد، لا يجتمع إيمانٌ مع لسانٍ بذيئ!

لأنّ أثر الإيمان يتجلّى من خلال تصرفات الإنسان وأهمّها منطقه وكلامه، فاللسان كما قيل: ( صغيرٌ جِرمه، كبيرٌ جُرمه) أي صغيرٌ حجمه مقارنةً مع الجوارح الأخرى لكنه أكثرها خطورةً وإجراماً، لأن كلمةً واحدةً قد تشعل حرباً طاحنة، ولأنّ كلمةً صغيرةً ربما تفرّق بين المرء وزوجه، لذلك اعتنى الإسلام بصيانة الألسن وتهذيبها وكفّها عن كلّ منقصةٍ ومعصية، فاللسان مخلوقٌ لترجمة الإيمان المستقرّ في القلب، قال معاذٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: "ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم  إلا حصائدُ ألسنتِهم؟"، وضمن صلى الله عليه وسلم الجنة لمن حفظ لسانه وفرجه ففي الحديث الصحيح: "من يتكفل لي ما بين لحييه ورجليه اتكفل له الجنة".

ولسان الصائم في رمضان يصوم عن كلّ كلمةٍ تفسد الصيام وتُظلم القلب، يصوم عن الكذب والزور، قال صلى الله عليه وسلّم: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، يصوم عن الغيبة والنميمة، لأنهما يشغلان الإنسان عن الله وطاعته ويقحمانه في الخوض في أعراض الناس، قال الله تعالى: {وَلا يَغتَب بَعضُكُم بَعضاً}، يصوم عن الإفتراء والبهتان والبذاءة والفحش، قال صلى الله عليه وسلّم: "ليس المسلم بالسّبّاب ولا اللّعّان ولا بالفاحش البذيئ".

ولمّا تأدب الصالحون بأدب الإسلام، صانوا ألسنتهم من الوقوع في المحظور وأشغلوها في ذكر الله تعالى وحمده وشكره، ذكر الإمام مالك في الموطأ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه دخل على أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه وهو يجبذ لسانه أي يجره بشدة، فقال عمر: "مَـه!! غفر الله لك ، قال أبو بكرٍ رضي الله عنه: إن هذا أوردني الموارد"، وقال فضيل بن عياض رحمه الله: "ما حجٌّ ولا رباطٌ ولا اجتهاد أشد من حبس اللسان، ولو أصبحت يُهمُّك لسانُك أصبحتَ في غمٍّ شديد)، وكان ابن مسعودٍ رضي الله عنه يقول: (يالسان قل خيراً تغنم، او اسكت عن شرٍّ، تسلم من قبل أن تندم".

فلا يصوم من أطلق للسانه العنان، وخدعه منطقه، فاسودّ قلبه وأظلمت روحه.

اللهمّ إنا نسألك ألسنةً صادقةً تقول الحق وتبتعد عن السوء.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل