الثبات - مقالات
سلسلة قضايا الشباب
الشباب والعلم
الشيخ الطبيب محمد خير الشعال
قال تعالى: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}
لا أجدني محتاجاً إلى أن أتلو عليكم كثيراً من آيات القرآن التي تدعو إلى العلم وتحث عليه وتثني على أهله، خاصةً وأن القرآن الكريم أكثر من ستمائة موضعٍ يتناول هذه الأمور ولكن حسبكم قولُ الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}
وحسبكم أن أول كلمة نزلت في هذا الدين من السماء (أقرأ) والقراءة أهم وسائل العلم.
وكذلك أنتم في غنى عن قراءتي لكم مئات الأحاديث ومئاتها التي تبارك العلم والعلماء ويكفيكم حديث أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: "من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضى لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتانُ في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، ورثوا العلم "فمن أخذه أخذ بحظ وافر وبعد القرآن والسنة، لا أزيدكم علماً إذا قلت لكم إن نهضة الأمم تقوم على العلم، وتهدم بالجهل.
العلم يرفع بيتاً لا عماد له ... والجهل يهدم بيت العز والشرف
وإليكم هذه المعلومات:
البتَّاني مؤسس علم المثلثات، عباس بن فرناس باني أول طائرة، ابن الهيثم مؤسس علم البصريات التجريبي، ابن سينا مؤسس علم الجولوجية، أبو القاسم الزهراوي أبو الجراحة الأوربية، الإدريسي واضع أول وصف للكرة الأرضية، ابن البيطار أكبر عالم نبات، ابن النفيس مكتشف الدورة الدموية الصغرى، ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع، أبو بكر الرازي أول من وصف الجدري والحصبة وقال بالعدوى الوراثية، واستخدم الحيوان في تجارب الأدوية وكلُّ هؤلاء وغيرهم وغيرهم من المسلمين بل عن حاجي خليفة أورد في كتابه الموسوم ب "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون" ما يزيد على مائتين وأربعين علماً مبتكرة كعلم الجراحة وعلم التشريح وعلم الفلك وعلم الأحياء وعلم الصيدلة وعلم البيطرة فضلاً عن العلوم لشرعية كالقرآن والحديث والفقه والفرائض ونحوها.
الآن قارنوا هذه المعلومات في هذه المعلومات: بنجامن روبن مخترع الإبرة الطبية، جوناس سالك مخترع لقاح شلل الأطفال، وليم غولف مخترع آلة غسيل الكلية، ستانلي منزور اخترع أول معالج كمبيوتر، بيتر شولدز اخترع أول كبل ألياف بصلية، تشارلز أدلر اخترع إشارة مرور الضوئية، إيميل برلاينر
اخترع سماعة الهاتف، وكل هؤلاء، وغيرهم ليسوا من المسلمين.
بعد كل هذا، صار واضحاً لكل أخٍ فينا ولكل أخت لماذا نحن بحاجة إلى العلم لأن القرآن يدعونا ولأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يدعونا ولأن العلم هو واحد من أهم مواد نهضة الأمة.
لكن العلم يعلمك كيف تصنع الآلات والمحركات لكن الدين والشرع هو الذي يعلمك كيف تستعملها فيما يسعدك ويسعد الآخرين، فالعلم ثلاثة: علم بالله (علم الحقيقة) وعلم بأمر الله (علم الشريعة) وعلم بخلق الله وهو العلوم الكونية التطبيقية، فيا أيها الشباب نحن بحاجة إلى كلِّ علم ننفع بها أمتنا وأهلنا وأنفسنا وديننا لأن نهضة أمتنا وبلادنا لن تقوم إلا على هذا العلم. العلم بالله والعلم بأمر الله والعلم بخلق الله.
وأنتم أيها الشيوخ والكهول ادعموا شبابنا العالم، ادفعوهم نحو العلم، تبنوا عباقرة الشباب ادعموهم مالياً ومعنوياً واجتماعياً - كما تعلمون - فإن المؤسسات التجارية الكبرى في الغرب هي التي تدعم الأبحاث العلمية، هي التي تحتضن العلماء الشباب، هي التي ترعاهم وتكتنفهم، وأنت أيها التاجر الكبير مأجور برعايتك لكل عالم بالله أو عالم بأمره أو عالم بخلقه ما دمت ترجو بذلك رضا الله ونُفع الناس.
ملاحظات سريعة للشباب حول العلم:
1- العلم الذي نرتزق منه وكفي، ليس إلى حرفةً من الحرف.
2- العلم إن لم تعطه كلك لم يعطك بعضه.
3- العلم الذي يجعلك تتيه على الآخرين ما هو إلا نوع من الغرور.
4- العلم الذي يسعى لتدمير الإنسان والفتك به، نوع من الجريمة.
5- العلم الذي لا يتصل بما ينفعنا في ديننا ودنيانا نوع من الترف المذموم.
6- الشهادة التي تنالها من جامعتك ما هي إلا مفتاح العلم، وليست العلم.
قد ضلَّ من حسب الشهادة غاية ... إن الشهادة مقْبض المفتاح
7- العالم والمتعلم شريكان في الأجر، ما دام العالم يعلم الآخرين ولا يضن بعلمه عليهم وما دام المتعلم يحترم معلمه وما يأخذه منه.
8- عالم واحد بالله وبأمره وبخلقه أشدُّ على الشيطان من ألف عابد.
9-العلم والصبر توأمان.