أقلام الثبات
مع كل حراك فلسطيني يتعلق بالحوار بين الفصائل ، تتزاحم الأسئلة المشروعة التي تملاْ صفحات التواصل الاجتماعي ، والمواقع الالكترونية ، أو من خلال المقالات والتحليلات التي لا تنتهي . وهذا أمر طبيعي ، لأنّ من حق الشعب الفلسطيني المكتوي بنار الاحتلال والتشرد والانقسام ، واليوم بنار جائحة وباء كورونا ، أن يسأل ويتساءل إلى أي مصير تسوقه الفصائل إليه ، خصوصاً تلك الحاكمة والمتحكمة . بعد الفشل المتكرر منذ العام 2003 و 2005 و 2011 ... الخ ، وصولاً إلى حوارات القاهرة الأخيرة في 8 و 9 شباط الجاري . حيث الشك لا يزال يخيم على عدم إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية واستكمال تشكيل المجلس الوطني . وفي أحسن الأحوال إنجاز الانتخابات التشريعية والرئاسية ( وهي إن جرت ، فهي ليست تلبية لضرورات وطنية فلسطينية ، بل ستجري بناءُ لمطلب دولي ليس إلاّ ) ، وتطيير ما يتعلق بالمجلس الوطني .
على أهمية الأسئلة التي جاءت في العمق ، وأصابت كبد الحقيقة في معظمها. أتوقف عند تناول الأسئلة المتعلقة بقرار اللجنة المركزية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة ، الذي جاء في اتجاهين . الأول : في عدم المشاركة في الانتخابات التشريعية في أيار من العام الجاري ، لأنها ستجري على أساس البرنامج السياسي لاتفاق " اوسلو " . والثاني : المشاركة من حيث المبدأ في انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني " بهدف تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية وتعزيز البرنامج الوطني المقاوم انطلاقاً من كوننا حركة تحرر وطني ".
من جملة الأسئلة ، القول أننا نتوافق مع خلفية قرار القيادة العامة ، أنّ الانتخابات التشريعية هي من إفرازات اتفاقات " أوسلو " كسقف سياسي للانتخابات القادمة في ايار ، على الرغم مما ورد في البيان الختامي للحوارات الأخيرة ، أنّ الانتخابات بالاستناد الى التوافقات والاتفاقيات الفلسطينية السابقة ، لاسيما وثيقة الوفاق الوطني ومخرجات اجتماع الأمناء العامين في 3 أيلول 2020 . إلاّ أنّ الانتخابات القادمة ومهما زُيّن لها فهي مسقوفة بتلك الاتفاقات . ولكن بعض تلك الأسئلة جاهدت للقفز عن الخلفية السياسية لرفض المشاركة ، للقول أنّ القيادة العامة تلطت أو تخفت وراء ما أعلنه بيانها ، لكن السبب الحقيقي وراء عدم مشاركتها بالانتخابات ، هو حضورها الضعيف والضعيف جداً سواء في الضفة أو القطاع ، لذلك هي ذهبت في سياق سياسي .
نعم ومن دون الاختباء وراء اصبعنا ، القيادة العامة تقر أن حضورها ضعيف، وهذا له أسبابه ، ولا مجال للخوض فيه . ولكن ليس هذا ما ذهبت إليه بعض من تلك الأسئلة . وهنا أسوق تجربة الفصائل ذات الحضور الواضح في الضفة والقطاع ، من خارج فتح وحماس ، وهما تنظيمان أساسيان ومؤسسان في منظمة التحرير ، الجبهتان الشعبية والديمقراطية . في الانتخابات التشريعية عام 2006 ، ماذا حققتا من مقاعد ، الجبهة الشعبية فازت بثلاثة مقاعد ، والجبهة الديمقراطية التي دخلت في ائتلاف مع حزب الشعب وفدا وعدد من المستقلين ، فازت هي والائتلاف بمقعدين فقط . السؤال ما مدى تأثير تلك المقاعد الخمسة مجتمعة ، على سير أعمال المجلس ؟ . الجواب لا شيء ، وهنا أسف لهذا التعبير ، كانوا كشهود زور على ما ارتكبه المجلس أو ما اتخذه من قرارات أو توصيات من خارج رؤيتهم ، سواء السياسية أو القانونية . وإذا ما جرت الانتخابات التشريعية في موعدها ، وبعد موافقة الشعبية والديمقراطية على المشاركة فيها ، هل ستتمكنان ومعهما بقية الفصائل من تغيير شيء ؟ . لا ، بل هو تكريس لوقائع سيعمل الحاكم والمتحكم عليها كل من خلفية رؤيته ، وما يعمل من أجل تحقيقها ، وبذلك سيتكرر مشهد ( شاهد ما شفشي حاجة ) ، و"كأنك يا أبو زيد ما غزيت" . خصوصاً أنّ ما نسمعه ونتابعه أن الكثير من الفصائل ومن ضمنها الشعبية والديمقراطية على قناعة، أنّ انتخابات التشريعي هي تحت السقف السياسي ل" أوسلو " .
أما فيما يتعلق بقرار المشاركة في انتخابات المجلس الوطني ، فهناك من ذهب للقول ، أليست منظمة التحرير هي من وقعت على اتفاقات " أوسلو " العام 1993 ؟ .
في الشكل قد يكون الكلام صحيحاً ، أما في المحتوى والمضمون من وقّع هي القيادة المتنفذة في منظمة التحرير ، بدليل أنّ أربعة فصائل من أصل ستة فصائل اعتبرت مؤسسة للمنظمة ، رفضت ولا زالت تلك الاتفاقات . والجبهة من خلفية أنّ المنظمة كيان سياسي وطني وممثل وحيد للشعب الفلسطيني ، فالدول ككيانات لا تفرط ولا تتنازل ، بل الرؤساء والقيادات هم من يتنازلون ويفرطون . والجبهة التي لم تخرج من المنظمة ، بل هي علقت عضويتها احتجاجاً على سياق ونهج سياسي يُناقض الأهداف التي أنشئت من أجلها المنظمة . لذلك هي شاركت كسائر فصائل منظمة التحرير في الحوارات االتي شهدتها الساحة الفلسطينية منذ العام 2003 و 2005 و 2011 ، وحتى الحوار الأخير في القاهرة من هذا الشهر ، بهدف إنهاء الانقسام ، ومدخله إصلاح منظمة التحرير ومؤسساتها على أسس سياسية وطنية وديمقراطية . وعندما اجتمعت اللجنة التحضيرية الخاصة بإعادة تشكيل المجلس الوطني في بيروت عام 2017 ، كانت القيادة العامة إحدى مكونات هذه اللجنة ، التي ستلتئم مجدداً في القاهرة في أذار المقبل ، وعلى الطاولة مخرجات اجتماعات بيروت 2017 .
لا تلوموا المقاومة على عدم الرد... فالوقت لم يتأخر بعد ــ د. نسيب حطيط
"ثورة" العهر عائدة ــ عدنان الساحلي
الضغوط على لبنان.. وأسئلة الحرب الكبرى ــ د. ليلى نقولا
ترامب يُقِرّ بمسؤوليته عن مجزرة "البيجر"... فمن سيقاضيه؟ _ د. نسيب حطيط