أقلام الثبات
يعمد الغرب عموما والولايات المتحدة الاميركية خصوصا، الى تسريع خطواته باشكال مختلفة لتنفيذ اخطر مشروع استعماري له في الشرق الاوسط ,فيما غالبية السلطات الحاكمة لا تجد مفرا من المحاباة والتماهي, وكأن الغرب بكل الموبقات المدمرة قدرٌ لا فرار منه او رده , او ان العقم في ايجاد وسائل قادرة على حماية السيادة الوطنية والموروث الثقافي القيم وصل مبلغه الاعتى, ولا بد من التسليم، كمن يسلم الروح .
على الرغم من كل التجارب المريرة منذ الحروب الصليبية على المنطقة وصولا الى زرع الكيان الصهيوني في قلب المنطقة, و"الربيع العربي"وصولا الى حرب الابادة الحالية المستمرة فصولا , برعاية ودعم "السيستم " الغربي، فان رموزاً حاكمة, وشرائح سياسية يؤخذ عليها الاندماج في منظومة اللاقيم الغربية, على حساب المصالح الوطنية .
على مدى الازمنة والمحطات الانفة الذكر كانت البروباغندا الغربية تتمكن من الاختراق الثقافي عبر انتاج شعارات تحاكي آمال وطموحات شعوب المنطقة التواقة الى الحرية , وكانت قوى في المقابل تسبر عن معرفة الاهداف الخفية للمشاريع الغربية، يتكوكب حولها من يريد المواجهة حتى في ظلال انظمة استبدادية تخضع شعوبها بحيث يتحول المقاومون للمخاطر تحت مسمى البراغماتية الى مفهوم غريب بأن الحرية تؤدي إلى الفوضى، وان البديل هو الاستقرار كي يأتي الازدهار.
ان النتائج لما سمي ب "الربيع العربي " الذي ارشده الغرب بشعار الحرية والديمقراطية تحضر الان , من خلال التمزق المبرمج للدول والفئات , و التحولات السياسية والأمنية , وبالالي السلطات التي نجمت بحيث غاب الشعار وادواته, وتم احلال سلطات اكثر استبدادية من سابقاتها بذريعة وقف الفوضى من اجل الاستقرار " والازدهار" وهو الشعار التبريري لطمس الجرائم المرتكبة بادارة الغرب , واحلال منظومة تقبل الخضوع , والتخلي عن السيادة الوطنية , والكرامة بما فيها الشخصية بدعوى الازدهار المزعوم ومواكبة العصر، والانكى ترويج الانهزام الكلي بان "العين لا تقاوم المخرز"، وعليه: لمَ لا يكون الاحتلال مقبولا؟
من الضرورة الالتفات بعناية الى "الاستراتيجية الأمريكية للأمن القومي" المحدثة في مشروع الرئيس الاميركي دونالد ترامب , فهي في جوهرها، عودة الى اساليب الاستعمار القديم القائم على القوة والغزو العسكري , والا ما معنى "السلام بالقوة " الذي ينشده ترامب، ويفاخر به وان بعض الاستراتيجية مستلهمة من عقيدة مونرو (1823) واستكمالا لها بحيث تكون للولايات المتحدة في موقع مهيمن, وبسيطرة مطلقة على المستوى العالمي، وفصل الجزء الغربي من الكرة الأرضية عن بقية العالم، باعتبار أنه ينبغي أن يكون تحت السيطرة والهيمنة الأمريكية.
من هنا يحضر الهدف الاول وهو الاستعمار المباشر , عبر تغيير بنيوي يؤسس لتغيير جيوسياسي, قبل ان تستفيق الشعوب من الصدمات الهائلة امنيا واقتصاديا واجتماعيا , وهي الفترة التي يحتاجها الغرب , واميركا تحديدا للاستيلاء على ثروات المنطقة، ومأسستها في المنظومة الغربية، الى جانب وعود الازدهار الاقتصادي – القاتل للهوية والثقافة والسيادة – ولن تتردد الولايات المتحدة وأوروبا باستعراض قدراتهم الفعلية في مزايا اقتصادية وتكنولوجية،جوهرها وهمي , لكنها تجد من يسوق لها محليا , مقابل رافضي الاندماج في سوق النخاسة.
لقد نسف الغرب النظام العالمي الذي كانت الامم المتحدة على علاتها , ناظما له بنسبة ما, وحسب الزمان والمكان , اما الان فان الرئيس الاميركي هو القبان وبيضه وفق مفهومه لتعريف القوة الأمريكية بحيث لم تعد واشنطن مضطرة لتبرير أفعالها الجرمية، وما يسمى "عقيدة مونرو" تعمل كنظام تأديبي عملي للاخضاع وعقابي ومباشروحتى قاتل اذا تمكن ،لكل من لا يتماشى تمامًا مع التحولات السياسية التي تريد فرضها اميركا والغرب.
بلا شك ان للشعوب خيارات , وليس الظن خائبا , اذا اختارات الكرامة الوطنية والحرية والسيادة كبرامج عمل لا كشعارات جوفاء , كما ينبغي الثقة في الذات والقدرات , من خلال القدرة على تغيير طريقة التفكير , وليس عيبا النهل من معين الاباء والاجداد في كيفية المواجهة ومقاومة الدخلاء السيئون.
السلطة السياسية... وإعادة إعمار المصارف _ د. نسيب حطيط
أحمد الشرع.. "البطل" الذي لم يقرأ سيناريو النهاية _ أمين أبوراشد
سوريا... القرار لأمريكا والجولان "لإسرائيل" وتركيا تنتظر حصتها ــ د. نسيب حطيط