أقلام الثبات
اقسم الرئيس الأميركي السادس والأربعون "جو بايدن" اليمين الدستورية في حفل رسمي مهدد بالوضع الأمني والقلق من أعمال جنونية للرئيس المختل والخطير "ترامب" حتى اللحظات الأخيرة من ولايته ويمكن أن يكون هذا الحفل وللمرة الأولى يتيماً، حيث امتنع الرئيس السابق عن تسليم خلفه للتأكيد على عدم اعترافه بنتائج الانتخابات وعدم الاعتراف بشرعيته والتشويش عليه من الهجوم الانقلابي على الكونغرس إلى مقاطعة حفل التنصيب الذي حضره رؤساء من الجمهوريين والديمقراطيين السابقين .
إن خطاب الرئيس "بايدن" والذي كان من المفترض أن يحدد السياسة العامة والمشروع الاستراتيجي للسنوات الأربعة القادمة، سواء في الداخل الأميركي أو الخارج قد أحدث مفاجأة عند المراقبين والجهات الدولية المتابعة ،حيث اقتصر على محاكاة الوضع الداخلي وفي إطار العاطفة والتعبئة الوجدانية حول "القصة الأميركية"، مما أكد أن ما فعله "ترامب" قد أحدث جروحاً عميقة في الداخل الأميركي لا يمكن تجاوزها أو معالجتها بشكل سريع وبسيط، حيث استطاع "ترامب" أن يلحق خسائر جسيمة في الأمة والمؤسسات الأميركية و خدم خصوم أميركا من دون قصد بشكل ممتاز ورائع لم يكونوا قادرين على القيام بجزء بسيط منه فقد افتعل أحداثاً كبرى وخطيرة وهي:
- أعاد أحياء ثقافة العنصرية والتفوق للعرق الأبيض على المواطنين السود بعد حادثة "خنق "جورج فلويد" الأميركي الأسود وتقسيم الشعب الأميركي بين أبيض وأسود..
- تقسيم العرق الأبيض بين "ميليشيا ترامبية" ومواطنين مسالمين وتأسيس التطرف السياسي المسلح والإرهابي بما يعيد إحياء سلوكيات الحرب الأهلية الأميركية التي انتهت عام 1865م.
- تقسيم الحزب الجمهوري وزعزعة صورته السياسية وصفوفه التنظيمية.
- تهشيم صورة الديمقراطية الأميركية المزعومة والتي تستعملها أميركا كمبرر للغزو واحتلال الدول ودعم الإنقلابات الداخلية لتأمين المصلحة الأميركية .
يستلم "بايدن" السلطة وبين يديه "جمرات "مشاكل متعددة اورثه إياها "ترامب" داخليا وخارجيا وهذا ما عكسه الخطاب الرئاسي الأول الذي أظهر خطورة الوضع الداخلي الأميركي والذي سيستهلك الأشهر الأولى وربما العام الأول من ولاية "بايدن" لإعادة الإمساك بالأمور في حال لم يواصل "ترامب" اعماله الإرهابية والفوضوية في الشارع الأميركي والتي كان قد توعد خلفه بأنه سيواجهها فقد ركز "بايدن" في خطابه الرئاسي على نقاط رئيسية :
- مواجهة التطرف السياسي.
- إعادة العمل على وحدة الشعب الأميركي .
- مواجهة ثقافة التفوق العنصري للعرق الأبيض .
- حماية الديمقراطية .
ثم الإلتزام بحماية العدو الإسرائيلي وإبقاء التحالفات الخارجية كما هي في مرور عابر على السياسة الخارجية وهذا يظهر القلق والإرتباك الذي يعيشه الأميركيون نتيجة للفوضى "الترامبية" التي يمكن انها لم تنته بعد وسيواصل "ترامب" عمليات الثأر والإنتقام من خسارته للإنتخابات.
ان الإرباك الأميركي يصب لصالح قوى التي واجهت المشروع الأميركي في المنطقة وفي مقدمتها محور المقاومة الذي سيتفيد من حالة الإرباك والإنشغال الأميركي داخليا لإعادة التقط الأنفاس ومعالجة بعض الأوضاع لا سيما الاقتصادية التي استعملها ترامب كسلاح دمار شامل ضد خصومه سواء بالعقوبات الشاملة او الفردية او بالحصار الشامل غير الإنساني والمتوحش.
ان خروج "ترامب" من البيت الأبيض لا يعني تغييرا إيجابيا ومفصلياً في السياسة الأميركية العدوانية ،فالرئيس "بايدن" ينتمي الى الجيل الأميركي القديم الذي يحلم بإعادة امجاد اميركا السابقة وينحاز الى العدو الإسرائيلي مثل "ترامب" واكثر شأنه شأن الرؤساء الاميركيين عامة بل أضاف امرا جديدا ان اغلب الوجوه الرئيسة في ادارته هي من اليهود وبالتالي فان العقل المخطط للإدارة الجديدة هو من ضمن اللوبي الصهيوني العالمي والذي سيتابع استكمال ما بقي من مشاريع "ترامب" والتي لم تنجز بعد لتحقيق الأمن للعدو وضمان تفوقه الإستراتيجي وتأمين الحماية له.
لكن كما استطاع الشرفاء الصمود وافشال المشروع الأميركي بقيادة "ترامب" ..يستطيعون بإذن الله الصمود والإنتصار على المشروع الأميركي بقيادة "بايدن".