البلاغة في الحديث النبوي | "الصناعة البيانية" .. الشيخ المحدث نور الدين عتر

الخميس 24 كانون الأول , 2020 01:48 توقيت بيروت مقالات فكريّة

الثبات - مقالات

 

البلاغة في الحديث النبوي

"الصناعة البيانية"

الشيخ المحدث نور الدين عتر

 

يقول الرافعي بخصوص الصناعة البيانية في الحديث النبوي الشريف: "حسن المعرض، بيِّن الجملة واضح التفصيل، ظاهر الحدود، جيد الرصف، متمكن المعنى، واسع الحيلة في تصرفه، بديع الإشارة، غريب اللحمة، ناصع البيان، ثم لا ترى فيه إحالة ولا استكراه، ولا ترى اضطراباً ولا خطلاً، ولا استعانة من عجز، ولا توسعاً من ضيق، ولا ضعفاً في وجه من الوجوه، وهذه حقيقة راهنة، دليلها الكلام النبوي بجملته وتفصيله، لا يجهلها إلا جاهل، ولا يغفل عنها إلا غافل...".

وقد سبق الجاحظ للتعبير عن المزايا التي أوردها الرافعي في الفقرتين، بكلام هام جامع، أورده في كتاب البيان والتبين، نسوقه هنا لفائدته، ولمزيد شرح أفكار الرافعي، يقول الجاحظ: "وهو الكلام الذي قل عدد حروفه وكثرت معانيه، وجلَّ عن الصنعة، ونُزَّه عن التكلف، فكيف وقد غاب التشديق، وجانب أصحاب التقعير، واستعمل المبسوط في موضع البسط، والمقصور في موضع القصر، وهجر الغريب الوحشي، ورَغِبَ عن الهجين السوقي، فلم ينطق إلا عن ميراث حكمة، ولم يتكلم إلا بكلام قد حُفَّ بالعصمة، وشُيَّد بالتأييد، ويُسَّرَ بالتوفيق، هو الكلام الذي ألقى الله عليه المحبة، وغشاه بالقبول، وجمع له بين المهابة والحلاوة، وبين حسن الإفهام وقلة عدد الكلام، مع استغنائه عن إعادته، وقلة حاجة السامع إلى معاودته، لم تسقط له كلمة، ولا زلت به قدم، ولا بارت له حجة، ولم بقم له خصم، ولا أفحمه خطيب".

إنَّه كتاب الله وحبله المتين، وما أجمل قولهم:

فإن كتاب الله أوثقُ شافع ... وأغنى غناءً واهباً متفضلا

وخيرُ جليس لا يُمل سماعُه ... وتردادُه يزدادُ فيه تجمُّلا


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل