مقالات مختارة
كتب وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف على موقع تويتر أن :"ترامب سيرحل بعد سبعين يوما، ولكننا باقون للأبد.. الرهان على الأجانب لضمان الأمن لا يجلب الأمن ويخيب الآمال..نمد أيدينا إلى الجيران للتعاون في سبيل تحقيق المصالح المشتركة لشعوبنا وبلداننا. وندعو الجميع إلى الحوار باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الخلافات والتوترات".
على النقيض من السياسة المبنية على الاحقاد والضغائن والغرائز والكيدية وضيق الافق وقصر النظر وخلق اعداء وهميين والاستقواء بالاجنبي والقفز على حقائق التاريخ والجغرافيا، التي تتعامل بها مشيخات وامارات الجانب الاخر من الخليج مع ايران، تعاملت ايران ومازالت بحكمة وكياسة وبعد نظر مع هؤلاء الجيران، ومدت يدها ومازالت تمدها، انطلاقا من مبدأ بديهي يقول: نحن مسلمون وجيران ونبقى كذلك بحكم الجغرافيا والتاريخ، وتجمعنا من الاواصر اكثر مما تفرقنا بعض الخلافات القابلة للحل في حال وجدت ارادة مستقلة ونظرة متعقلة.
تغريدة الوزير ظريف جاءت لتؤكد ان سياسة ايران لا تتأثر بتطورات سياسية تحدث في الجانب الاخر من العالم، ولا تبني عليها ولا تستغلها ولا تستقوي بها، بل ولا تضعها في حسابها مطلقا، عندما تتعامل مع جيرانها، وهي سياسة على النقيض تماما مع سياسة جيران ايران التي تقوم من الفها الى يائها على ما يحصل خارج الاقليم، وكأنها لا تملك من امرها شيئا، وهذا بالضبط هو السبب الاول والاخير الذي جعل امن منطقتنا بيد قوى اجنبية، ترى في انعدام الامن والفوضى فيها هدفا مقدساً لن تتوانى لحظة عن تحقيقه.
من المؤسف ان يربط جيران ايران مصيرهم بالانتخابات الامريكية وما تفرز من نتائج، وهي حالة شاذة لا مثيل لها في العالم، فجميع الدول تبني سياساتها على مبادىء ثابتة اعتمادا على قواها الذاتية وشعوبها وعلاقاتها المتزنة مع جيرانها والعالم، لا ان تضع كل بيضها في سلة رجل مجنون مثل ترامب، بشهادة الامريكيين انفسهم، لم يتحمله شعبه اكثر من ولاية واحدة.
من المؤسف ايضا ان جيران ايران وصل بهم الامر الى ربط مصيرهم ليس بامريكا بل باشخاص في امريكا، عندما وضعوا كل امكانياتهم في خدمة الارعن ترامب مقابل منافسه جو بايدن، وهو موقف كشف عن صبيانية وقصور لا حدود لهما، فهم الان سيضطرون مرة اخرى لفتح خزائنهم لسيد البيت الابيض الجديد من اجل "التكفير" عن "خطيئتهم" في نصرة ترامب.
اللافت ان جيران ايران اعتبروا ترامب منقذهم ومنجيهم وحاميهم. رغم ان الرجل تعامل معهم بطريقة مخزية لا نريد ان نستذكرها لانها جارحة جدا، ولكن كنا نتمنى على مستشاري مسؤولي تلك الدول ان ينقلوا لامرائهم ومشايخهم ماذا كانت تكتب الصحافة عن "حاميهم" المعتوه، حتى لا ينبطحوا امامه كل ذلك الانبطاح المذل. وان يحذروهم ايضا من مغبة ربط مصيرهم بشخص آخر هو المجرم السفاح وقاتل الاطفال نتنياهو، بعد ما يئسوا من ترامب.
نتمنى على جيران ايران ان يتخذوا من تجربتهم مع ترامب درسا للتوقف عن ربط مصالحهم باشخاص. وان يتعاملوا بحكمة ومسؤولية اكبر مع امن واستقرار المنطقة. فاذا كان امن المنطقة لا يحظى باهمية امن عروشهم، فهناك دول لا تقدم شيئا على امن المنطقة ومصالح شعوبها ، ولا تتوانى عن الدفاع عنها، اي كان الساكن في البيت الابيض.
المصدر: العالم
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً