أخلاق النُّبوة | تعامل النَّبي عليه الصلاة والسلام مع أصحابه

الخميس 05 تشرين الثاني , 2020 01:39 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات - إسلاميات

 

أخلاق النُّبوة

تعامل النَّبي عليه الصلاة والسلام مع أصحابه

 

مِنْ نِعَمِ الله على الأُمَّة الإسلاميَّة نعمة الحُبِّ في الله، التي بها توثَّقت العَلاقة بين المسلمين منذ بداية الدعوة، فبعدما كانوا في جاهليتهم متباغضين متقاتلين، انقلبوا بفضلٍ من الله إلى إخوة متحابِّين، قال تعالى في شأنهم: {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}، ثم جعل الله الأُخُوَّة الصادقة دليلاً على إيمان العبد بربِّه، فقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، كما مدح رسول الله المتحابِّين في الله، وكشف عن عظيم ثمار هذا الحبِّ في الآخرة، فقال: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ.." فذكر منهم: "... رَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْه.."

 

صور من معاملات رسول الله لأصحابه

 

-ثناؤه صلى الله عليه وسلم على أصحابه وإظهار فضلهم:

كان صلى الله عليه وسلم يثني على أصحابه إظهاراً لفضلهم وعلو قدرهم.. فنجده يعامل أصحابه معاملة تدلُّ على حُبِّه لهم جميعاً؛ وكأنه يخصُّ كل صحابي بحبٍّ خاصٍّ يختلف عن باقي أصحابه فنجد رسول الله يصف أصحابه بصفات تُعَزِّز من الألفة والتقارب بينه وبينهم، فيصف الزُّبير بن العوام بأنه حواريه، فقال صلى الله عليه وسلم: "الزُّبَيْرُ ابْنُ عَمَّتِي وَحَوَارِيِّي مِنْ أُمَّتِي" (رواه أحمد) أي: ناصري وخاصتي من أصحابي، ويصفُ أبا بكر وعمر بأنهما وزيراه فقال صلى الله عليه وسلم: "وَأَمَّا وَزِيرَاي مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ فَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ" (رواه الترمذي)، وجعل حذيفة كاتم سرِّه، ولقَّب صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بأنه أمين الأُمَّة "وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بِنُ الجَرَّاحِ" (رواه البخاري).

 

-رحمته بالمخطئ منهم:

روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه "أَنَّ رَجُلاً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْماً فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ العَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ؟!، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم: لَا تَلْعَنُوهُ، فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ!" (رواه البخاري).

 

-يشارك أصحابه في مأكلهم ومشربهم:

تقوية لأواصر الصحبة والمحبَّة، فعن جابر بن عبد الله قال: كنت جالساً في داري فمرَّ بي رسول الله فأشار إليَّ، فقمتُ إليه، فأخذ بيدي فانطلقنا، حتى أتى بعض حُجَرِ نسائه فدخل، ثم أذن لي فدخلتُ والحجاب عليها، فقال: "هَلْ مِنْ غَدَاءٍ؟" فقالوا: نعم. فأتي بثلاثة أَقْرِصَةٍ فوضعن على نَبِيٍّ، فأخذ رسول الله قرصاً فوضعه بين يديه، وأخذ قرصاً آخر فوضعه بين يديَّ، ثم أخذ الثالث فكسره باثنين، فجعل نصفه بين يديه ونصفه بين يدي، ثم قال: "هَلْ مِنْ أُدُمٍ؟" قالوا: لا، إلاَّ شيء من خلٍّ. قال: "هَاتُوهُ، فَنِعْمَ الأُدُمُ هُوَ"

 

-دفاعه صلى الله عليه وسلم عن أصحابه ومعارضته الاستهزاء بهم:

من ذلك أن ابن مسعود رضي الله عنه-كان يجتني سواكاً من الأراك، وكان دقيق الساقين، فجعلت الريح تكفؤه -أي: تُميله-، فضحك القوم منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مِمَّ تَضْحَكُونَ؟!» قالوا: يا نبي الله، من دقة ساقيه!! فقال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ» (رواه أحمد).

 

-مشاورتهم في الحرب والسلم:

تُعدّ الشورى أحد أهم المبادئ التي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستخدمها في تعامله مع أصحابه رضي الله عنهم، لا سيما أنّ الله -تعالى- قد أمره بذلك، حيث قال: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}، وممّا يدل على ذلك الحديث الذي رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: "ما رأيت أحداً أكثر مشاورةً لأصحابه من رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، وقد ورد في كتب السيرة النبوية العديد من المواقف التي تدل على أنّ النبي عليه الصلاة والسلام كان يستشير أصحابه في السلم والحرب، ومنها مشاورة النّبي عليه الصلاة والسلام لأصحابه عندما علم أنّ قريش قد خرجت لحرب المسلمين، واقترب جيشهم من المدينة المنورة، فكان رأيهم الخروج والتّصدي لجيش قريش في منطقة أحد، فاستجاب عليه الصلاة والسلام لرأي الشورى على الرغم من أنّ رأيه كان مخالفاً لرأيهم، وخرج للقاء جيش قريش

 

فعلى الرسولِ وآلِـه وصِحابــِـه ... منّي السـَّلام بكلِّ حُـبٍّ مسْعــدِ

هـم صفوة الأقوام فاعرف قدرهـم ... وعلى هـداهـم يا مـوفق فاهتـدِ

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل