الثبات - مقالات
خصائص الأمة المحمدية
ثُبوت الفَضل لآخر هَذه الأُمَّة كما ثبت لأوَّلها
الشيخ محمد علوي المالكي
تثبت بالاتفاق أفضلية عصره صلى الله عليه وسلم ويدلُّ على ذلك ما جاء في الصحيحين: "خَيْرُ أُمَّتي قَرْني، ثمَّ الذين يَلُونهم، ثمَّ الذين يَلُونهم".
قال العلماء: المقصود بذلك عصر الصحابة ومدتهم من البعثة مائة وعشرون سنة، أو دونها بقليل أو فوقها بقليل على الخلاف في وفاة آخر الصحابة موتاً أبي الطُّفيل.
وقوله: "ثمَّ الذين يَلُونهم" أي: القرن الذين بعدهم، وهم التابعون، ومدتهم نحو سبعين أو ثمانين سنة إن اعتبر من سنة مائة.
وقوله: "ثمَّ الذين يَلُونهم" وهم أتباع التابعين نحواً من خمسين إلى حدود عشرين ومائتين، وهذا يدلُّ على أنَّ أول هذه الأمة أفضل من كُلِّ من يأتي بعده، وذهب أبو عمر بن عبدالبر أنَّه قد يكون فيمن يأتي بعد الصحابة أفضلُ ممن كان في جُملَةِ الصحابة.
جاء عن عمر بن الخطاب قال: كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَتَدْرُونَ أَيُّ أَهْلِ الْإِيمَانِ أَفْضَلُ إِيمَاناً؟، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمَلَائِكَةُ؟، قَالَ: هُمْ كَذَلِكَ وَيَحِقُّ ذَلِكَ لَهُمْ وَمَا يَمْنَعُهُمْ وَقَدْ أَنْزَلَهُمُ اللَّهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي أَنْزَلَهُمْ بِهَا، بَلْ غَيْرُهُم، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَالْأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالنُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ؟، قَالَ: هُمْ كَذَلِكَ وَيَحِقُّ لَهُمْ ذَلِكَ وَمَا يَمْنَعُهُمْ وَقَدْ أَنْزَلَهُمُ اللَّهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي أَنْزَلَهُمْ بِهَا، بَلْ غَيْرُهُمْ ، قَالَ: قُلْنَا: فَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَقْوَامٌ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِي فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ فَيُؤْمِنُونَ بِي وَلَمْ يَرَوْنِي وَيَجِدُونَ الْوَرَقَ الْمُعَلَّقَ فَيَعْمَلُونَ بِمَا فِيهِ فَهَؤُلَاءِ أَفْضَلُ أَهْلِ الْإِيمَانِ إِيمَاناً".
وجاء أيضاً عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه قال: يارسول الله: "هَلْ أحدٌ خَيرٌ منَّا، أسلَمنا معَكَ وجاهَدنا معَكَ؟ قالَ: نعَم، قَومٌ يَكونونَ مِن بعدِكُم يؤمِنونَ بي ولم يَرَوني".
ونحن لا نُحبُّ أن نتعرَّض إلى الخلاف الجاري بين العلماء في قضية التسوية بين أوَّل هذه الأمة وآخرها في فضل الأعمال، غير أنَّ ذلك لا يمنعنا من القول بأنَّ مُشاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورؤَيته لا يعدلها شيء.