أقلام الثبات
الأنظمة زائلة والشعوب باقية ، حقيقة راسخة تشهد عليها الكثير الكثير من التجارب التي لا تُعد ولا تُحصى . فمهما طغت وتجبّرت ، خصوصاً تلك الأنظمة التي تتماهى وتتقاطع مع أعداء وقتلة شعوبها ، فإنها ومهما امتدّ الزمن في استمرارها ، فلحظة زوالها على يد شعوبها بطلائعها وقواها الثورية لابد آتيةٌ ولا ريب فيها .
الأشقاء في البحرين، حالهم كحال تلك الشعوب التي تناضل منذ ما قبل ثورة وحراك 14 شباط 2011 وبعده ، من أجل حريتهم ، وإنهاء الاستبداد وكم الأفواه ، وحرية التعبير ، والقضاء على الفساد ، والانتقال بالبحرين إلى ملكّية دستورية ، التي تضمنها ميثاق العمل الوطني . لذلك هم تحركوا في ميادين البحرين سلمياً ، في مواجهة ألة البطش والقتل وزج الناشطين بالسجون ، التي مارستها ولا زلت سلطات آل خليفة ، التي تمادت في سياسة طغيانها ، مستنجدةً بأعداء البحرين خوفاً على عرشهم وثرواتهم التي راكموها على حساب الشعب البحريني المظلوم ، وذلك من خلال الدعوة التي توجهّ بها وزير الداخلية البحريني راشد بن عبد الله آل خليفة إلى الولايات المتحدة داعياً إياها إلى زيادة حمايتها لنظام العائلة ، منعاً لإسقاط مملكتها ، من خلال تعزيز قدراتها الأمنية والعسكرية مقابل ضخ المزيد من الأموال والنفط ، والانفتاح على الكيان الصهيوني ، من خلال خطوات تطبيعية على غير صعيد ومستوى .
بعد إقدام نظام آل خليفة على توقيع اتفاق العار مع الكيان الصهيوني برعاية أميركية ، لا شك أنّ نضال وكفاح الشعب البحريني وقواه الوطنية سيواجه بالمزيد من القمع والبطش والتضييق من قبل سلطات آل خليفة ، وهذه المواجهة لن يكون كيان الاحتلال الصهيوني بعيداً عنها ، وهو في الأصل لم يكن بعيداً عن مد الأجهزة الأمنية في البحرين بالخبرات والمعلومات والتقنيات اللازمة لمواجهة ثورة البحرانيين المتواصلة منذ ما يزيد عن تسعة أعوام .
رد الشعب البحريني وقواه على الاتفاق المهين الذي تجاوز التطبيع إلى التحالف الإستراتيجي لمواجهة ما أسموه كذباً بالخطر الإيراني ، لم يتأخر . فجاء المؤتمر الصحافي الذي عقده الشيخ حسين الديهي نائب الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني ، كخارطة عمل لمواجهة هذا الاتفاق وإسقاط رموزه داخل البحرين .
أهمية هذا المؤتمر ، وإلى جانب أنّه أكّد على رفض شعب البحرين للاتفاق جملة وتفصيلاً ، واعتبره خيانة عظمى للمصلحة العربية والإسلامية ، وللمصلحة العليا لشعب البحرين ، الذي لم يفوّض النظام باتخاذ مثل هذا القرار السيادي . فقد أعلن أولاً ، عن انحيازه ووقوفه التام مع القضية الفلسطينية ، من خلفية أنها المبدأ الذي ترتكز عليه مبادئ الدين والعقيدة والإنسانية ، وفهم المواثيق الدولية وحقوق الإنسان ، وفي كون القدس عاصمة أبدية لفلسطين . وثانياً ، أنّ شعب البحرين جاد في تصديه لمواجهة مشروع التطبيع داخل البحرين ، وهناك برنامج طويل الأمد في ذلك ، ستعجز سلطات البحرين ولن يعجز الشعب البحريني . وثالثاً ، في مقابل اتفاق العار بين نظام البحرين والكيان ، سيتم إعداد اتفاق بحريني فلسطيني ، ينصّ على التمسك بالقضية الفلسطينية حتى تحقيق المطالب العادلة للشعب الفلسطيني .