خاص الثبات
في زمن تزداد فيه حدّة الانقسام وتكثر فيه الحملات التي تستهدف رموزًا دينية، وشخصيات اجتماعية، وطقوسًا تعبّر عن وجدان شريحة واسعة من اللبنانيين، لم يعد الصمت خيارًا.
وعندما تُستخدم المنصات الإعلامية لتوجيه الإهانات والتهكّمات تحت عناوين "النقد" و"حرية التعبير"، يصبح لزامًا أن يظهر من يردّ على هذا السيل من التجنّي، بأسلوب يفهمه الناس ويصل إليهم مباشرة.
الصحافي علي الرضا برو لم يأتِ من فراغ، ولم يفرض نفسه بقوة الجدل فقط، بل لأنه ملأ فراغًا كان يزداد اتساعًا: غياب الصوت الذي يردّ بقوة، وبلغة الشارع، على من يظنون أنهم يمتلكون الحق الحصري في النقد والتجريح.
برو لم يختبئ خلف العبارات المنمّقة، ولم يحتمِ بأقنعة الحياد الزائف.
اختار سلاح السخرية اللاذعة، ووضع نفسه في خط المواجهة، دفاعًا عن جمهورٍ يشعر يومًا بعد يوم أنه مستهدف لا لشيء سوى أنه يتمسك بهويته، برموزه، بثقافته.
صحيح أن أسلوب برو لا يرضي الجميع. وصحيح أنه أحيانًا يلامس خطوطًا حمراء يعتبرها البعض خروجًا عن "أدبيات المهنة". لكن مهلاً: من قال إن الصحافة قالب جامد لا يتغيّر؟ من قال إن الصحافي الناجح هو فقط ذاك الذي يتحدث بلغة خشبية لا تثير أحدًا؟ الصحافة، كما المسرح، لها ألوانها ومدارسها، منها الهادئ المتزن، ومنها الساخر المتمرّد. وعلي الرضا برو اختار أن يكون لسان حال المتمرّدين على التهكّم والاستعلاء، صوت من لا صوت له في الإعلام المموّل والموجّه.
لقد تحوّل برو في فترة قصيرة إلى ما يشبه "الحالة". حالة إعلامية تعبّر عن شريحة واسعة لم تجد من يردّ عنها الإساءة، فتكفّل بذلك مستخدمًا أسلوبًا قريبًا من الناس، نابضًا بالغضب أحيانًا، لكنه صادق. صادق في انحيازه، صادق في وجعه، وصادق في انفعاله.
إن وجود علي الرضا برو لم يعد مجرّد خيار أو مساحة ترفيهية يتابعها البعض على الهامش، بل أصبح ضرورة، لا لشيء سوى لأن الطرف الآخر لم يتوقّف عن الإهانة، ولم يعُد النقد عنده إلا وسيلة لشيطنة "الآخر". وفي ظل هذا الواقع، لا بدّ من ميزان يوازن المعادلة، وصوت يعلو بالحق، حتى لو كان بنبرة ساخرة.
الصحافة ليست فقط ما يُكتب في الافتتاحيات، وليست فقط ما يُقال في نشرات الأخبار. الصحافة أيضًا فيديو قصير صادم، وجملة تهكّمية ذكية، وردّ سريع على تجاوزات لم يعُد ممكنًا السكوت عنها.
ولهذا، بات وجود علي الرضا برو ضرورة. لأنه في زمن الحرب الإعلامية المفتوحة، لا يكفي أن تكون صاحب حق، بل عليك أن تعرف كيف تدافع عنه، وبأدوات العصر.