قضايا الفكر المعاصر .. ازدواجية العقل والنقل في تطوير الحضارة الإسلامية - الدكتور العلامة وهبة الزحيلي

الإثنين 21 أيلول , 2020 02:15 توقيت بيروت مقالات فكريّة

الثبات - مقالات 

 

قضايا الفكر المعاصر

ازدواجية العقل والنقل في تطوير الحضارة الإسلامية

الدكتور العلامة وهبة الزحيلي

 

من الأصول الإسلامية المقررة لدى المجتهدين أنَّ الشرع هو الأصل، وأنَّ العقل مُقَدمٌ على ظاهر التشريع عند التعارض، وأنَّ مصدر جميع الأحكام التكليفية والوضعية هو الله تعالى بعد البعثة النبوية وبلوغ الدعوة الإسلامية للعقلاء، سواء بطريق النَّص أو الاجتهاد، لأنَّ المجتهد مُظهرٌ وكاشف للحكم الشرعي، ليس منشأً أو مبدعاً له من عنده، لقوله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۖ يَقُصُّ الْحَقَّ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ}.

وقد ثبت بالدليل القاطع وتتبع استقراء أحكام الشريعة الإسلامية أنَّه لا يوجد تعارض بين الدين والعقل، ولا مصادمة لمعطيات العلم، فالعقل الصحيح مفتاح فهم الدين، ولا يخالف الشرع، والعلم سبيل النهوض بالمسلمين وغيرهم، والشرع لا يمكن أن يخالفه العقل الدَّال على صحته، بل هما متلازمان في الصحة، ويلزم من علمنا بالشرع علمنا بدليله العقلي الدَّال عليه، كما يلزم من علمنا بذلك الدليل العقلي علمنا بالشرع، لأنَّ العلم بالدليل يستلزم العلم بالمدلول.

قال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي: "من يظنُّ أنَّ العلوم العقلية مناقضة للعلوم الشرعية، وأنَّ الجمع بينهما غير ممكن، وأنَّ الجمع بينهما غير ممكن، هو ظن صادر عن عجزه في عين البصيرة، تعوذ بالله منه، وإنَّما أنت لست تهتدي للطريق لعماك، فالعجب منك أنَّك لا تحيل عثرتك على عماك، وإنَّما تحيلها على تقصير غيرك، فهذه نسبة العلوم الدينية إلى العلوم العقلية".

ويمكننا التوصل إلى هذه الحقيقة الناصعة وهي ازدواج النقل والعقل، وتلازم العقل للنقل، والعلم للشرع، فنحن نجزم بأنَّ النهضة الصناعية الغربية التي قامت في الغرب على أساس العقل والمادة، والقيم الموضوعية المجردة، والأخلاق الرفيعة، واحترام كرامة الإنسان، والتزام منهج الحق والعدل والمساواة والحرية في مسيرة الحياة الإسلامية.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل