تدبُّر القرآن قبل عدد الختمات

الأحد 10 أيار , 2020 03:22 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات - إسلاميات 

 

تدبُّر القرآن قبل عدد الختمات

 

ختم قراءة القرآن يكاد يكون الشكل الأكثر انتشار للعبادة في رمضان، منّا من يكتفي بقراءته مرّة واحدة، ومنّا من ينكبّ على القراءة ليل نهار ليحصي عدداً أكبر من الختمات، ومع الاهتمام بالمقدار ما نقرأ، قد ننسى تدبّر الآيات.

إنَّ شهر رمضان هو شهر القرآن الكريم، وذلك بنص القرآن، في قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185] وبالتالي علاقة المسلم به في هذا الشهر يجب أن تكون وطيدة، فيها مصاحبة حقيقية، والتزام دقيق، بحيث يرتقي بأخلاقه وآدابه ويحسّن تعاملاته".

ويعزز ذلك أنَّ الصيام يشترك في تطهير روح الإنسان وتزكية قلبه وتنقية جوارحه؛ فالمسلم يصاحب القرآن وهو صائم، فيجتمع له فضل القراءة في وقت النزول والبركة التي أعطاها الله للوقت".

مهمّة القرآن في الأصل هداية الناس، كما في قوله عزّ وجلّ: {إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء:9] ولتتحقق الهداية لا بدّ من التدبر والفهم والتأثر لما جاء فيه؛ لأنَّه منهج حياة ودستور لكل التعاملات في الإنسانية جمعاء"

عدد الختمات مطلوب؛ فبها تطمئن القلوب، وهي فرصة لنيل الثواب، ففي الحديث الشريف: "من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف"، ومن المعلوم أن الحسنة بعشرة أمثالها".

مع ذلك، وبالرغم من أنَّ القراءة مطلوبة، إلا أنها لا تكفي بحد ذاتها، فكلما تدبر المسلم ارتقى، فالغاية هي الفهم فالتدبر فالتأثر، لو وصل المسلم لهذه المرحلة يحقق الغاية والهدف، بأنه يتأثر بما في القرآن، فيقوّم سلوكه ويتقن العبادة ويتقرب لله أكثر".

من يتأثر بالقرآن يتغير سلوكه للأفضل، فيصبح أميناً، صادقاً، مخلصاً، كريماً، جواداً، مجاهداً، متقناً للصلاة، باراً بوالديه، محسناً لهما، واصلاً رحمه، حسن المعاملة مع الناس، عادلاً، يبتعد عن الآثام والموبقات من أمراض اللسان والكذب والغيبة والنميمة، عن أمراض القلب من كفر ورياء ونفاق"، مضيفاً: "التدبر يوصلنا إلى درجة الاستقامة".

ولكي يتمكن المسلم من تدبر القرآن عليه الأخذ بعدة أسباب، أولها الدعاء، ليدعو الشخص الله تعالى أن يعينه على فهم القرآن، وفي ذلك أدعية كثيرة معروفة، منها: "اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا"، وثانياً عليه يعقد نيّة الفهم والتدبر، فنيّات قراءة القرآن متعددة، هناك من يقرأ للرزق، أو للشفاء من مرض، أو لأي سبب آخر، ثم يستحضر الأجر العظيم الذي يناله من التدبر.

من أراد التدبر، عليه ألا ينتقل من آية إلى أخرى، إلا بعد أن يفهم معناها، وبإمكانه الرجوع للكتب، أو سؤال المختصين، وقد صار ذلك يسيراً في عصر الإنترنت ومع انتشار تطبيقات التفسير المخصصة للهواتف النقالة، ومن الجيد أن يصاحب شخصاً يمكن أن يتدارس معه القرآن، أو أن يشترك في مجموعات مهتمة بالتدبر والتفسير

ومن أهم الأمور، أن يلتزم المسلم بتطبيق ما فهمه من القرآن في حياته؛ كي لا ينطبق قول الله تعالى: {كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الممتحنة:3].

نحن بحاجة لأن نجعل رمضان نقطة انطلاق لقراءة من نوع جديد، تصل بنا من خلال الفهم والتفكر للتأثر، ويمكننا أن نجمع بين التدبر والكمّ، فنخصص ختمة للقراءة، وأخرى للتدبر.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل