تراجع الهيمنة الاقتصادية والعسكرية الأميركية.. كورونا سبباً ـ يونس عودة

الثلاثاء 28 نيسان , 2020 09:14 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

رغم المكابرة الأميركية المطلقة بان جائحة كورونا لن يكون تأثيرها قويا على الولايات المتحدة , فان الوقائع اليومية تكشف ان التأثير مدوي على مختلف الصعد واولها الاقتصادية ,بما سينعكس على عنجهية الولايات المتحدة العسكرية , وهي القوة التي تعمل عبرها على ترويع العالم , استنادا الى القوة الاقتصادية , وهذه الاخيرة تستخدم ما يعرف ب"القتلة الاقتصاديين".

ليس كلاما عابرا ما افصح عنه المستشار الاقتصادي في البيت الأبيض، كيفن هاسيت، الذي اعلن بصريح العبارة "إن الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة "حرج جدا"،وأن تبعات أزمة كورونا تمثل أكبر صدمة شهدتها البلاد على الإطلاق. و"سنرى معدل البطالة يقترب من المستويات التي رأيناها خلال فترة الكساد الكبير".وهذه المعطيات التي قدمها هاسيت خالفت , لا بل كانت اشبه بتحد لتصريحات وزير الخزانة ستيف منوشين، الذي توقع قبل ساعات من موقف هاسيت," انتعاش الاقتصاد الأميركي المتأثر بوباء كورونا ابتداء من شهر تموز المقبل.

بغض النظر عمن هو الواقعي من المسؤوليَن الاميركيَين , فان في الامر تناقضاً ناجم عن الارتباك الكبير في الادارة الاميركية , وبالتالي ضبابية مستقبل اعتى قوة اجرامية في العالم , وان بدأت تظهر ملامح الافول عبر مسائل متنوعة, وبخاصة على مستوى المجابهة الاقتصادية وكذلك القدرات العسكرية واستخداماتها .

  1. الصراع الاقتصادي الآخذ في التصاعد مع الصين , فكلا الدولتين ، تخوضان بمواجهة بعضهما البعض حربا بابعاد استراتيجية سيكون تأثيرها على مدى عشرات السنوات عبر السيطرة على الجيل القادم في الاقتصاد العالمي,وباتت تدرك الولايات المتحدة بانها لن تبقى القوة الوحيدة الأكثر أهمية اقتصاديا حتى لو واصلت لعبتها الظاهرية احيانا بنية تعاونها مع الصين أو حتى احتوائها,وهذا الامر ادركته الصين منذ عشر سنوات على الاقل. لذلك، سوف يسرّع كلا الاقتصادين انفصالهما , وهذا ما سوف تدركه الولايات المتحدة أن ذلك يؤدي إلى نتائج عكسية لشعبها.

2- تسبب وباء كورونا المستجد, بضربة عميقة لقطاع النفط الصخري الأميركي وإلى تراجع إنتاج النفط في الولايات المتحدة بمقدار الخمس. في المرحلة الأولى، قد ينخفض ​​الإنتاج بمقدار 1.75 مليون برميل يوميا، كما قد ينخفض ​​عدد الآبار الجديدة، وفقا لخبراء IHS Markit، بنسبة 90% تقريبا، بحلول نهاية العام الجاري. ليس من المستغرب أن تصف بلومبرغ ما يحدث بـ "نهاية سريعة وقاسية لثورة النفط الصخري".وفي هذا السياق تقول بلومبرغ:إن الفيروس التاجي قام بمجزرة دامية بحق قطاع النفط. فمنتجو النفط يغلقون الآبار ويوقفون كل ثالث حفارة ويتوقفون عن التكرير، ويسرّحون 51000 عامل ويخفضون رواتب البقية. ومن يوم إلى آخر، بالتأكيد، ستبدأ موجة من حالات الإفلاس.

على المستوى العسكري, يمكن تسجيل اكثر من نقطة سلبية في ميزان الولايات المتحدة ايضا.

  1. هناك العديد من الخبراء الذين يجزمون بأن وباء كورونا  تسبب بإضعاف الجاهزية القتالية لقوات الناتو في دول البلطيق, ليس بسبب تزايد اعداد العسكريين المصابين بالفيروس , وانما على مستوى تعليق , او وقف العديد من البرامج خصوصا مع اقفال الحدود والاجواء بين الدول في المنطقة والعالم في وقت  يواصل الجيش الروسي، تدريب قواته في الدائرة العسكرية الغربية بنفس الحجم السابق.

2- انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى , وتحضيرادارة دونالد ترامب للانسحاب من معاهدة الأجواء المفتوحة, بينما الديمقراطيون -وهنا وجه الغرابة- يدافعون عن الاتفاقية، واصفين إياها بالـ "أداة" الملائمة للتجسس على روسيا.ولذلك فهناك من يعتقد ان الهدف من طرح هذا الموضوع هدفه "المبازرة"مع روسيا , وفي هذا المضمار يرى الخبراء العسكريون الاميركيون أن فسخ المعاهدة مسألة لم تقرر بعد، نظرا لأن موقف ترامب منها لا يقوم على أسباب عسكرية تقنية إنما على طموحات سياسية بحتة، بل وشخصية.وبمعنى اخر ان يطلب ترامب تنازلات من موسكو،عبر تعديل شروط الاتفاقية، مقابل بقاء الولايات المتحدة فيها,أي أن المنطق الجيوسياسي سيدفع الولايات المتحدة إلى الانسحاب من جميع الاتفاقات التي تحد بطريقة ما من نمو قوتها العسكرية.

3- استعراض ترامب بانه سلطان العالم بقوله: " لقد أمرتُ البحرية الأمريكية بفتح النار وتدمير أي سفن مسلحة إيرانية، إن تحرشت بسفننا في الماء",رغم ادراكه  لقرار الكونغرس الأميركي (12نيسان 2020)، الذي يحد من سلطة الرئيس في استخدام القوات المسلحة ضد إيران .وبكل الاحوال تحدته ايران عبر قواتها والحرس الثوري خصوصا ان يجازف,وهو بكل تأكيد لن يغامر بخطوة تؤدي الى حرب واسعة , ولا تزال تداعيات ضرب قاعدة عين الاسد في العراق امام ناظريه , وامام اعين البنتاغون .

4- لا شك سوف تتراجع الهيبة العسكرية الاميركية مع الانخفاض المستمر فصولا في القدرات الاقتصادية التي لا تضمن هيمنتها إلا بالقوة العسكرية , وبالتالي فان الترابط العضوي بين الهيبتين سوف يثأثر كل منهما بالاخر , ولذلك فان العالم امام مشهد جديد , ما بعد كورونا، وخصوصا امام مشهد اميركي سوف ينعكس على العالم كله سلبا على البعض , وايجابا على القسم الاكبر .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل